أخبار عاجلة

“عندما تُحاكم العدالة”: كيف تعاقب واشنطن المحكمة الجنائية الدولية لحماية جنودها وحلفائها

 

اسماعيل خفاجي

في سابقة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الحقوقية والدبلوماسية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ردًا على التحقيقات الجارية بشأن جرائم حرب محتملة ارتكبها جنود أمريكيون في أفغانستان، وأخرى تتعلق بإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تتراوح العقوبات بين تجميد الأصول المالية لهؤلاء المسؤولين ومنعهم من دخول الأراضي الأمريكية، وصولًا إلى تهديدات صريحة بخنق ميزانية المحكمة وتعطيل تحقيقاتها.

المحكمة في مرمى العقوبات

بدأ التوتر بالتصاعد منذ إعلان المحكمة نيتها فتح تحقيق رسمي في الجرائم المرتكبة بأفغانستان، حيث تتهم منظمات حقوقية القوات الأمريكية باستخدام التعذيب والإخفاء القسري خلال عملياتها هناك. في المقابل، ترى واشنطن أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك ولاية قانونية لمحاكمة مواطنيها، كون الولايات المتحدة ليست طرفًا في “نظام روما الأساسي” المؤسس للمحكمة.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تضاعف الضغط الأمريكي بعد إعلان المدعية العامة السابقة، فاتو بنسودا، فتح تحقيق بشأن الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة. وهو ما اعتبرته إسرائيل وأمريكا “هجومًا سياسيًا” مقنعًا بلغة القانون.

 ازدواجية المعايير؟

منظمات حقوقية اعتبرت العقوبات الأمريكية “تهديدًا خطيرًا لاستقلال القضاء الدولي”، بينما وصفتها المحكمة نفسها بأنها محاولة “لتقويض العدالة ومنع محاسبة مرتكبي الجرائم الجسيمة.”

وفي هذا السياق، يقول خبير القانون الدولي، الدكتور سامر العلي:” الولايات المتحدة  تسعى لترسيخ مفهوم أنها فوق القانون الدولي، وتستخدم نفوذها السياسي والاقتصادي لتكميم أفواه المؤسسات القضائية المستقلة.”

 الحصانة الأمريكية.. وسيف العدالة المكسور

يُطرح تساؤل ملح اليوم: هل يمكن تحقيق العدالة الدولية في ظل غياب التوازن بين القوى الكبرى والهيئات القضائية المستقلة؟ ومتى تصبح العدالة شاملة لا تستثني دولة أو تحابي أخرى؟

رغم الضغوط، أكدت المحكمة عزمها على مواصلة تحقيقاتها “بمنأى عن الابتزاز السياسي”، غير أن واقع النفوذ الأمريكي قد يفرض معادلة صعبة بين الاستقلال القانوني والتكلفة السياسية.

وختاما إن ما يجري اليوم بين واشنطن والمحكمة الجنائية ليس مجرد خلاف قانوني، بل معركة على مفهوم العدالة نفسه.

فحين تُفرض العقوبات على من يسعى لكشف الحقيقة، تُطرح علامات استفهام كبرى: من يحمي العدالة؟ ومن يحاسب الأقوياء؟

عن وجه افريقيا