أخبار عاجلة

عبدالله محمد يكتب: في ذكرى الراحل عبد الله محي الدين الجنيد

في السابع عشر من يونيو 2008 رحل عن دنيانا أحد أساتذة الفنون الجميلة، وأحد أعمدة التعليم الأهلي في الخرطوم، الأستاذ عبدالله محي الدين الجنيد، و هو من بين الأوائل الذين درسوا الفنون بمدرسة الفنون عند إنشائها بكلية غردون التذكارية، ثم أكملوا دراستهم الجامعية بمصر، وابتعثوا للدراسات العليا ببريطانيا أوائل الخمسينات.

عمل الجنيد بمدرستي خورطقت و المؤتمر الثانويتبن، و معهد القرش الصناعي كما ظل متعاونا بكلية الفنون الجميلة.

و قد تم تعيينه مسئولاً عن المناشط التربوية بوزارة التربية و التعليم إلي حين تقاعده الإختياري حين أسس (مدرسة بناتنا الثانوية) بالجريف غرب، المنطقة التي اختارها سكناً و اشتري بها ارضاً على النيل الأزرق أقام عليها منزلاً و مزرعة لأنتاح الليمون و تربية الدواجن.

لكن ولعه بالفنون تبدٌي في افتتاح ستديو للتصوير الفوتوغرافي بأمدرمان و جاليري للفنون بالسوق الإفرنجي بالخرطوم.

ثم أسس في السبعينات مدرسة ثانوية للبنات بالحريف غرب أسماها( مدرسة بناتنا الثانوية) ثم أنشأ على أساسها في الثمانينات كلية الخرطوم للفنون التطبيقية التي صارت صرحاً من صروح التعليم العالي بما تميزت به من تخصصات لم تُطرق من قبل كالفندقة و السياحة و الترجمة. و مما يُحزن المرء أن ما اجتهد الجنيد في تشييده لخدمة العلم قد انتهي مرتكزاً لقوات الدعم السريع بعد استيلائها على كلية الخرطوم التطبيقية و مركز الجنيد الثقافي!

كتبتُ هذه القصيدة عند رحيله المفجع الذي كان بعد علةٍ استشفى منها فى السودان و ألمانيا الإتحادية.

في وداع الراحل المقيم
عبدالله الجنيد

كنتَ في الشرفة.ِ ، كالغافي
توسّدتَ ذراعاً و عُمامة ْ
و شُرَحبيلُ يُغنّي
مُجلِسا ً ليلي عَلي سَطحِ البيانو
صوتُه العذبُ
يغطًينا ، غَمامة ْ

مُغمضاُ عينيكَ ، تُصغي
للبيانو و شُرحبيلَ و ليلي …

اذ تبسمتَ كمنْ يُصغي الي نايِ بعيدْ
قلتَ : ما اسرعَ ما يمضي الزمان !
هذهِ ليلي ؟
و ليلي* قَبْلها كنتُ اراها
غَضةً عذباً صِباها ..
كبُرت ْ..
صارتِ الجدة َ ليلي !
ما أحَيْلي !

يا شرحبيلُ ، أتدري ؟
المباني كالأغاني و الصورْ
فكرة ُ ُ ثُم تكون ْ
و أنا… أحلم أن أبني …
– نهضتَ ، و مددتً الساعدً العملاقَ –
في هذا المكان ْ ..
كافتيريا و ملاعب ْ
و هنا ، في الجانب الآخر ِ
قاعاتِ فصول ٍ و مكاتب ْ
و ممرات ٍ حواليها مساطب ْ

أتَري الطلابَ فيها زمراً ، و الطالبات ْ ؟
لا عليكَ الآن ، لكني اراهم ْ
و أراهُنٌ هنا ، في كل ِ جانب ْ.

كنتَ تدري !!
كنتً تدرى
ان ما قد قلتَ حتماً سيكون ْ !!!

و مضيت ْ
تُخصِب ُ الأرض َ فتُعطينا مبان ٍ
و حدائق ْ
و وجوها حَفِلت ْ بالبِشر ِ
و العِلم ِ الرصين ْ

كنتً تدري
– و بعينيكَ بريقُ المنجٍزين ْ –
ان ما قد كنتَ تنوي سيكون ْ
ما تملٌكت َ عصا موسى
و لا قوم َ سليمان َ
بل القلب َ الذي
فاضَ بالايمان ِ
و العقل َ الرزين ْ

كنت َ تسعي
ناصع َ الحُجة ِ
عف ّ الكف ِ ، وضٌاءَ الجبين ْ
آسي َ المكلوم ٍ
دفٌاق َ العطايا
رافع َ الهَم ِ ، أريحياً ، أمين ْ

لم تكنْ إلا نبيا ًعارفا ً
حينَ حُق َ الحق ُ صُلباً لا تلين ْ

يا ابا خالدةَ .. الآن َ مضيت ْ
و الأماني منك في القلب نديات ُ ُ
و في النفس ِ اعتزاز ُُ ُ و يقين ْ

ويح قلبي!!
كيف تمضي و عطاياك َ هنا
كقطوف ٍ دانيات ٍ تُرتجَي في كل ِ حين ْ ؟
ما الذي قد كان في عُمر ٍ مضي
منك غير الفضل مبذولا ً علي مَر ِ السنين ْ ؟
__________________________________

* ليلي أبوعكر رفيقة دربه و جدة ليلى ابنتي و شقيقها منتصر .


البورتريه من أعمال الصديق د. حسن موسى.

موسيقار ومثقف سوداني

عن وجه افريقيا