ظلال فشل قمة الدوحة: بوابة نحو حرب إقليمية تجرف العالم العربي والإسلامي

اسماعيل خفاجي

انتهت قمة الدوحة العربية الإسلامية الطارئة، التي استضافتها قطر يوم الاثنين الماضي، ببيان ختامي يدين العدوان الإسرائيلي على أراضيها، لكنها لم تُنتج قرارات ملموسة تحول دون استمرار حرب الإبادة في غزة.

رغم الدعوات إلى وقف إطلاق النار ومراجعة العلاقات مع إسرائيل، يرى مراقبون أن فشل القمة في فرض آليات تنفيذية يُمهد لتصعيد إقليمي قد يُشعل المنطقة، خاصة مع تعنت تل أبيب في قصف المخيمات الفلسطينية ومنع المساعدات الإنسانية، مدعوماً بأحدث الأسلحة الأمريكية.

قراءة في رسائل السيسي العميقة: تحذير من عبور الخطوط الحمراء
وفي كلمته ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رسائل عميقة للعالم، مشدداً على أن إسرائيل “عبرت كل الخطوط الحمراء” وأصبحت تهديداً وشيكاً للأمن الإقليمي.

“أمن إسرائيل وسيادتها لن يتحقق بالقوة، بل بالاحترام للقانون الدولي”، قال السيسي، محذراً من أن أي محاولة لنزوح الفلسطينيين تمثل “خطاً أحمر لا نتقبله أبداً”.

هذه التصريحات، التي تقرأ كدعوة لإعادة صياغة الرؤية العربية الموحدة، مع إشارة ضمنية إلى دور مصر كحارس للحدود والوسيط الرئيسي.

لكن السؤال المقلق يبقى: هل تثني إسرائيل عن تعنتها وإصرارها على إبادة الشعب الفلسطيني، وضرب أي دولة عربية أو إسلامية ذات سيادة؟

الإجابة السلبية تبدو وشيكة، إذ استمرت الطائرات الإسرائيلية في قصف مجمع الشفاء الطبي في غزة، مما أسفر عن مقتل 17 مدنياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، رغم توصيات القمة بوقف الحرب فوراً.

إذا لم تستمع إسرائيل لـ”نداء العقل”، كما حذر السيسي، فإن المنطقة قد تشهد حربًا شاملة تفني الجميع، خاصة مع سيناريوهات محتملة لضرب تركيا أو مصر – الدولتان الأكثر تأثيراً في التوازن الإقليمي.

انتهت القمة… ولا مكان للدبلوماسية الهادئة
رغم تضامن القادة مع قطر بعد الهجوم الإسرائيلي الفاشل على قادة حماس في 9 سبتمبر، الذي أسفر عن مقتل 6 أشخاص دون تحقيق أهدافه، إلا أن البيان الختامي بقي رمزياً: دعوة لـ”مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل”، دون آليات تنفيذية أو عقوبات فورية.

هذا الفشل يُعزى جزئياً إلى غياب قادة رئيسيين، مثل الرئيس الإيراني الذي رفض دعوة الحل الدولتين ودعا إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى غياب قادة الكويت وتونس والجزائر.

هؤلاء “أهل الصمود”، كما يُلقبون، لووا أدبارهم في اللحظة الحاسمة، مما يثير تساؤلات عن دوافعهم السياسية والأمنية، وسط مخاوف من تداعيات داخلية أو خلافات مع الرياض والقاهرة.

قطر تستشعر الخطر… ومصر الملاذ الوحيد

استشعرت قطر الخطر الإسرائيلي الأمريكي بوضوح بعد الهجوم على أراضيها، الذي وُصف بـ”الفشل الأعمق مما يبدو” من قبل كتاب إسرائيليين أنفسهم.

أمامها، لا خيار سوى تعزيز التحالف مع مصر، التي أصبحت “الحليف الاستراتيجي” في مواجهة التهديدات.

يُتداول في الأوساط الدبلوماسية سيناريو يقترح مساعدة قطر لمصر في إسقاط ديونها تجاه صندوق النقد الدولي – الذي يتجاوز 8 مليارات دولار في برنامج الإصلاح الحالي – مقابل حماية عسكرية مصرية لأمن الخليج.

هذا التحالف، إذا تحقق، قد يعيد رسم خريطة التوازنات، خاصة مع تصاعد الضغوط الأمريكية على القاهرة للالتزام ببرنامج الإصلاحات الاقتصادية.

الحرب العقائدية: حاخامات يهود يحركون نتنياهو وترامب؟

في الختام، يبرز السؤال الأعمق: هل ما يحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو حاخامات اليهود، الذين يدّعون أنهما جاءوا “بأمر من الرب” لإعادة تشكيل الهوية العربية والإسلامية تحت مظلة “دين إبراهيمي جديد”؟

نتنياهو، المُتهم باستخدام نصوص توراتية عن “عماليق” لتبرير الحرب، يُرى كقائد يحكمه الإرث الديني أكثر من السياسة العملية، مما يجعل الصراع عقائدياً يحكمه “النصوص والصور التواراتية”.

ترامب، بدوره، مدفوعاً بدعم الإنجيليين الذين يضغطون لضم الضفة الغربية، يُطيل أمد الحرب لأسباب سياسية، كما كشفت

تقارير عندها، لا مفر من الحرب، إذ أن الدبلوماسية الهادئة لم تعد لها مكان إذا استمرت إسرائيل في ضرب غزة.

في الدوحة، حيث انقشعت أعلام الدول المشاركة، يبقى الخوف من أن فشل هذه القمة ليس نهاية، بل بداية لعصر جديد من التصعيد.

هل تكون المنطقة على موعد مع “فناء” جماعي، أم ستجد قادة العرب والمسلمين الإرادة للرد الفعال؟ الزمن وحده سيُجيب.

عن وجه افريقيا