صعود التنين: هل تغير الصين قواعد اللعبة العالمية أمام أمريكا المتعثرة؟

اسماعيل خفاجي

في عالم يشهد تحولات جيوسياسية سريعة، تبرز الصين كقوة صاعدة تغير الحسابات العالمية، سواء عسكريًا أو اقتصاديًا أو جغرافيًا. مع استعراض عسكري مهيب في بكين حضره قادة روسيا وكوريا الشمالية، وجهود مستمرة لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، يرى بعض المراقبين أن بكين تسيطر على “نصف العالم”، بينما تغرق واشنطن في تعقيدات الشرق الأوسط، خاصة في غزة.

لكن هل هذا التحول يعني نهاية الهيمنة الأمريكية، أم مجرد مرحلة انتقالية؟ هذا التقرير يستعرض الحقائق والتحديات بناءً على تطورات

صواريخ تفوق السرعة وتحالفات جديدة

شهدت الأسابيع الأخيرة استعراضًا عسكريًا في بكين بمناسبة الذكرى الـ80 لانتصار الصين في الحرب العالمية الثانية، حضره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى جانب الرئيس شي جين بينغ.

أظهر الاستعراض صواريخ هايبرسونيك صينية متقدمة، مثل سلسلة YJ، التي تصل سرعتها إلى ماخ 10، مما يعزز قدرات الصين البحرية.

يقول تقرير للبي بي سي إن روسيا والصين تقودان سباق الصواريخ الهايبرسونيك، بينما تلاحق الولايات المتحدة.

وفقًا لتقرير الكونغرس الأمريكي، تتطلب الصواريخ الأمريكية دقة أعلى لأنها غير مصممة للرؤوس النووية، مما يجعل تطويرها أكثر تعقيدًا.

أما التحالفات، فهناك تقارب ملحوظ بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، لكن بدون اتفاقية دفاع مشترك رسمية ثلاثية. وقعت روسيا وكوريا الشمالية معاهدة دفاع مشترك في يونيو 2024، وتدعم بيونغ يانغ موسكو بأسلحة في أوكرانيا، بينما تحافظ الصين على حذرها تجاه النووي الكوري الشمالي.

يحذر معهد لوي من أن هذا التحالف “لا يحتاج إلى اسم”، حيث يمنح كيم نفوذًا جديدًا كمورد أسلحة لروسيا.

ومع ذلك، يؤكد خبراء أن الشقوق موجودة، مثل مخاوف الصين من عدم استقرار كيم.

هل يحل الذهب محل الدولار؟

تدفع الصين، عبر مجموعة بريكس، نحو “دي دولاريزيشن”، أي تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. في الربع الثاني من 2025، اشترت البنوك المركزية 166 طنًا من الذهب، مما يعكس استراتيجية بريكس لتعزيز الذهب كأصل احتياطي.

تقرير جي بي مورغان يشير إلى عوامل مثل الجيوسياسية والتحوط النقدي تدفع هذا الاتجاه، خاصة في آسيا.

ومع ذلك، لا يزال الدولار مهيمنًا، ولا يوجد استبدال كامل بالذهب؛ بل هو جهد تدريجي لعملات محلية وأنظمة دفع بديلة.

في قمة بريكس 2025 في ريو، أعادت التأكيد على الذهب كأصل محايد، مما قد يرفع أسعاره إلى 3430 دولارًا للأونصة.

 تراجع أمريكي وصعود صيني

يشهد العالم تراجعًا في نفوذ الولايات المتحدة، حيث يرى 52% من الأمريكيين أن نفوذ بلادهم يضعف.c51895 استطلاعات بيو تظهر انخفاض الرأي الإيجابي عن أمريكا في العديد من الدول، مقابل ارتفاع للصين.

في الشرق الأوسط، تغرق أمريكا في دعم إسرائيل أثناء حرب غزة المستمرة، التي تجددت في مارس.

يرى 21% فقط من الإسرائيليين إمكانية تعايش سلمي مع فلسطين، مما يجعل حل الدولتين “مستحيلاً” في نظر البعض.

ومع ذلك، عقدت الأمم المتحدة مؤتمرًا في يوليو 2025 لإحياء الحل، مع دعم دولي لدولة فلسطينية مستقلة.

تسعى الصين لملء الفراغ، مع بناء تحالفات في الجنوب العالمي، لكنها تواجه تحديات داخلية واقتصادية.

يحذر معهد أتلانتيك كاونسيل من أن الولايات المتحدة تخسر أرضًا أمام الصين في الجنوب العالمي بسبب سياساتها.

بين التحذير والواقع

يصف بعض المحللين الصين وحلفاءها بـ”النمور المفترسة” ذات الأنياب الفولاذية، لكن الواقع أكثر تعقيدًا.

الصين تغير اللعبة، لكن أمريكا لا تزال قوية، والتحديات العالمية مثل غزة تتطلب تعاونًا دوليًا. مع اقتراب 2026، قد تحدد هذه التحولات مستقبل النظام العالمي، بين صعود متعدد الأقطاب أو تصعيد جديد.

عن وجه افريقيا