نظمت دار الشروق حفل إصدار وتوقيع رواية «وللبحر ارتعاشات»، للكاتب الصحفي والروائي السوداني، فايز الشيخ السليك، بحضور نخبة من الكتاب والمثقفين.
وتعرض رواية «وللبحر ارتعاشات»، عوالم مجموعة من شباب وشابات جاءوا إلى القاهرة من عدة دول؛ بغرض عبور البحر المتوسط إلى أوروبا، أو الهروب عبر سيناء إلى تل أبيب.
وتدور أحداث الرواية داخل أحياء ومقاهي القاهرة خلال فترة أحداث ما أطلق عليه اسم الربيع العربي، وما رافقها من تحوُّلات سياسية واجتماعية، وتتصاعد وقائعها داخل زورق يحمل مئات المهاجرين الذين ينتمون إلى السودان، إريتريا، إثيوبيا، نيجيريا، مصر.
ويتقاسم بطل الرواية السوداني ذكرياته وأحلامه مع صديق هارب من سوريا، ومجموعة من المثقفين والمثقفات المصريين؛ فتتقاطع مشاعر الحب والخوف والأمل بين تضاريسها التي استمرت عاميْن.
رواية «للبحر ارتعاشات» مازجت بين السياسي والعاطفي مثلما يفعل كاتب الرواية في كل أعماله، إلا أن الجديد فيها تمثَّل في جعل القاهرة مسرحًا للأحداث؛ ومن ثَمَّ تناولت ملامح من طبيعة العلاقات بين السودانيين والمصريين، والمشاركة الوجدانية بين الشعبيْن في أحداث كل بلد، وكيفية التعايش وسط ظلال أحداث متلاحقة.
فايز الشيخ السليك؛ كاتب صحفي وروائي سوداني. درس الصحافة وعلم النفس في جامعتي أم درمان الإسلامية والخرطوم، ونال شهادة الماجستير في علوم الصحافة من جامعة كونبياك بالولايات المتحدة الأمريكية.
صدرت له ثلاث روايات هي «مراكب الخوف»، «أنا والرئيس.. أسرار المرايا وجنون الياسمين»، و«ديجافو».
وخلال كلمته أعرب السليك، عن سعادته بحفل إطلاق أحدث مؤلفاته الأدبية في القاهرة وسط محبيه وقرائه، وقال إنه كتب نص «وللبحر ارتعاشات»، بكل جوارحه وهو الآن ملك للناس يقرؤوه كيفما شاؤوا، وأن الكتابة عنده بالأساس فلسفة وأن دوره كمؤلف ينتهي مع تسليم النص وخروجه للمتلقى الذي يفسره كيفما شاء وكلًا وفق ذكرياته وخبراته وما صادفه في حياته.
وأضاف: «لكل كاتب طريقته ومدرسته، وفي النهاية الرواية هي سرد وأنا أفضل في ذلك السرد أسلوب العودة والاسترجاع، تماما ككتابات الأديب الطيب الصالح، وما فعله ماركيز في «سرد أحداث موت معلن»، وغيرهم، وأشار إلى أنه يكتب هواجسه وقلقه وأن النص بالنسبة له أداة للتعبير عن الواقع إما بالكتابة الصحفية أو الأدبية، وأن للذكريات دور في جعل الكتابة الأدبية أكثر صدقًا والابتعاد عن الطريقة الجافة في الحكي والكتابة التقريرية وحتى لا يتحول الروائي إلى صحفي.
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي خالد محمود، الباحث في جامعة القاهرة شئون الشرق الأوسط، إن الرواية مشحونة بالعوالم، منها عالم اللاجئين من الدول الإفريقية ومعاناتهم، وعالم الهجرة غير الشرعية سواء عن طريق البحر أو الصحراء، كما حدث في الرواية عبر حلم البطل الذي يطمح بالهجرة عبر صحراء سيناء، كذلك تناولت الرواية عالم الدولة المصرية خلال فترة ثورات الربيع العربي.
وأشار إلى أن الرواية بها توازٍ بين قصة النبي يوسف والغياب عن الأهل وفكرة الاختطاف، لكن مع الفارق وهو أن بطل الرواية هو من خطف نفسه، وليس أخوته من أقصوه، وأن أكثر مشاهد الرواية قسوة، هو حديث “الراوي العليم” عن مشاعر الخوف خلال رحلة الهجرة غير الشرعية، وكيف أن الشخص يفكر في أن أصحاب المركبة سيلقون بالأفراد الذين يمثلون ثقل إضافي فيها، وأن الأصعب هو تقبل الأشخاص على متن تلك السفن لهذا المصير.
وأوضح أن الرواية تتناول عالم الأفارقة في مصر وهو واقع ملييء بالمشكلات خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم للأفارقة بمصر وقبول مفوضية اللاجئين لوجودهم، ليوضح عبر ذلك كله العالم المضطرب للاجئين السودانيين وسط عالم مستقر من حوله لتضح مشاكل، كما أن الرواية قدمت إشارة لبقايا القبلية من خلال حبيبة البطل وزواجها رغما عنها من ضابط سوداني، وأن القبلية واقع موجود في السودان وإفريقيا بشكل عام.
وبدوره قال الناقد الأدبي أسامة عرابي، إن الرواية تمزج باقتدار ما بين التوثيق والتخييل، وأنها تحمل قدر كبير من الإمتاع والافتتان بالنص، وأن السليك روائي حلق عبر الحكي بين الأزمنة بحساسية الكاميرة وسعة الصورة والمراوحة ما بين أحلامه وانكسارات العالم بلغة مكثفة أضافت للنص هالة من الحيوية والجمال، وأن القاهرة شرفت بحضوره بين أدبائها.
وبدوره قال الكاتب الصحفي علي سعيد: «الرواية أدهشتني ومنها الإلحاح في البحث حول سؤال الهوية، رغم خطأ الإجابة عنه، حيث أظهر السليك إسرائيل كطموح للعربي وليس عدو. وأن الرواية قدمت إعادة اجترار شخصية مصطفى سعيد، في موسم الهجرة إلى الشمال، وحيث القاهرة باعتبارها “ترانزيت” للمحطة المهمة، سواء إلى لندن في «موسم الهجرة إلى الشمال»، أو الهروب إلى تل أبيب في «للبحر ارتعاشات».
وأشار إلى أن الرواية بها توازي مع نص تراثي وتاريخي عبر اجترار حكاية يوسف القادم إلى مصر وخيانة أخوته له، كذلك من خلال قصة يونس وابتلاعه عبر حوت المتاهات، مضيفًا: «فايز السليك روائي يمتلك قدرة على القص والكتابة بلغة شاعر، ويكتب بجمال وسلاسة.