سحر رجب
في خطوة دبلوماسية بارزة، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم الإثنين، مبادرة الحوكمة العالمية خلال اجتماع “منظمة شنغهاي للتعاون بلس” ضمن فعاليات قمة منظمة شنغهاي للتعاون 2025 في مدينة تيانجين الساحلية.
وفي كلمته أمام قادة أكثر من 20 دولة وممثلي 10 منظمات دولية، دعا شي إلى بناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدالة وإنصافًا، مؤكدًا على ضرورة السعي نحو “مجتمع مصير مشترك للبشرية” في عالم يواجه تحديات جيوسياسية واقتصادية متزايدة.
خمسة مبادئ لإعادة صياغة النظام العالمي
حدد الرئيس شي خمسة مبادئ أساسية لمبادرة الحوكمة العالمية، والتي تهدف إلى تشكيل إطار جديد للتعاون الدولي:
المساواة في السيادة: التأكيد على احترام سيادة الدول بغض النظر عن حجمها أو قوتها، لضمان عدالة العلاقات الدولية.
سيادة القانون الدولي: دعم النظام القائم على القوانين والمعاهدات الدولية كأساس للحوكمة العالمية.
ممارسة التعددية: تعزيز نهج شامل يحترم التنوع الثقافي والسياسي ويعارض الهيمنة الأحادية.
أولوية الشعوب: وضع مصالح الشعوب في صميم السياسات العالمية، مع التركيز على التنمية البشرية والرفاهية.
الإجراءات الفعلية: الدعوة إلى اتخاذ خطوات عملية وملموسة لتحقيق أهداف الحوكمة العالمية بدلاً من الشعارات النظرية.
وأكد شي أن هذه المبادئ تهدف إلى مواجهة التحديات العالمية، مثل التوترات الجيوسياسية والتفاوت الاقتصادي، من خلال تعاون دولي قائم على الاحترام المتبادل والمساواة.
دور منظمة شنغهاي في تعزيز الحوكمة العالمية
جاءت كلمة الرئيس شي خلال اجتماع “منظمة شنغهاي للتعاون بلس”، وهو إطار موسع يشمل الدول الأعضاء والمراقبين وشركاء الحوار، والذي يعكس الطموح المتزايد للمنظمة في لعب دور ريادي على الساحة الدولية.
وأشار شي إلى أن المنظمة، التي تمثل حوالي نصف سكان العالم وربع الاقتصاد العالمي، باتت منصة حيوية لتعزيز الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة.
كما أعرب عن تطلعه للعمل مع الدول الأعضاء لتحقيق رؤية الحوكمة العالمية من خلال استراتيجيات طويلة الأمد، بما في ذلك وثيقة التنمية المتوقع اعتمادها خلال القمة.
سياق دبلوماسي مكثف
تعد قمة تيانجين 2025 الأكبر في تاريخ منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تجمع قادة دول مثل روسيا والهند وإيران وتركيا، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية أخرى.
وشهدت القمة نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا، حيث عقد الرئيس شي أكثر من 12 لقاءً ثنائيًا مع قادة الدول المشاركة لمناقشة قضايا الأمن والاقتصاد والتعاون الإقليمي. ومن المتوقع أن تشهد القمة، التي تستمر حتى نهاية اليوم الإثنين، اعتماد وثائق استراتيجية ترسم ملامح التعاون بين الدول الأعضاء خلال العقد المقبل.
تيانجين: مركز للدبلوماسية العالمية
أكد الرئيس شي أن اختيار تيانجين لاستضافة القمة يعكس دورها كمدينة رائدة في الانفتاح والإصلاح في الصين، مشيرًا إلى أنها ستكون منصة لإطلاق مبادرات جديدة تعزز من مكانة منظمة شنغهاي على الساحة الدولية.
وأضاف أن المبادرة الجديدة للحوكمة العالمية تأتي في إطار التزام الصين بدعم الجنوب العالمي وتعزيز التضامن بين الدول النامية والأسواق الصاعدة.
رؤية لمستقبل مشترك
اختتم شي كلمته بالتأكيد على أن مبادرة الحوكمة العالمية ليست مجرد رؤية نظرية، بل دعوة للعمل الجماعي من أجل عالم أكثر عدالة واستقرارًا.
ودعا الدول الأعضاء إلى الاستفادة من “روح شنغهاي” لتعزيز التعاون والتغلب على التحديات العالمية، مثل التغيرات المناخية، الأزمات الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية.
ومع استمرار المناقشات في اليوم الختامي للقمة، يترقب العالم مخرجات هذا الحدث التاريخي الذي قد يعيد تشكيل قواعد الحوكمة العالمية.