سحر رجب
في حدث عالمي غير مسبوق، انطلقت اليوم أعمال القمة الخامسة والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين الصينية، بحضور أكثر من 20 زعيمًا عالميًا وممثلي 10 منظمات دولية.
وفي كلمته الافتتاحية، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابًا قويًا دعا فيه إلى بناء نظام عالمي جديد قائم على العدالة والتعددية، مؤكدًا على ضرورة مواجهة “عقلية الحرب الباردة” وسياسات الترهيب التي تمارسها بعض الدول، في إشارة ضمنية إلى الولايات المتحدة.
رؤية استراتيجية لمستقبل التعاون العالمي
استهل الرئيس شي كلمته بالتأكيد على أن العالم يمر بفترة من الاضطرابات المتزايدة، حيث تتطلب التحديات الجيوسياسية والاقتصادية تعاونًا جماعيًا أكثر تماسكًا. واعتبر أن قمة تيانجين تمثل “منعطفًا استراتيجيًا” لمنظمة شنغهاي، التي تضم عشر دول أعضاء و16 دولة بصفة مراقب أو شريك.
وأشار إلى أن المنظمة باتت قوة رئيسية في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، داعيًا إلى تعزيز التعددية ومواجهة التحديات العالمية المعقدة من خلال حوار شامل وتنسيق أوثق.
إدانة “عقلية الحرب الباردة”
في سياق خطابه، ندد الرئيس الصيني بما وصفه بـ”عقلية الحرب الباردة” وسياسات الترهيب في العلاقات الدولية، مؤكدًا أن هذه الممارسات تعيق بناء عالم أكثر عدالة وتوازنًا. ودعا إلى نظام عالمي يقوم على التعاون بدلاً من التنافس، مشددًا على أن الصين ستواصل لعب دور القوة العالمية المستقرة التي تدعم الدول النامية.
وأضاف أن منظمة شنغهاي للتعاون هي منصة حيوية لتعزيز نموذج جديد للعلاقات الدولية يركز على التنمية المستدامة والأمن الإقليمي.
مبادرات جديدة وتعاون شامل
أعلن الرئيس شي عن طموح الصين لدفع منظمة شنغهاي إلى مرحلة جديدة من التطوير عالي الجودة، من خلال مبادرات تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني بين الدول الأعضاء.
وأكد أن القمة ستشهد إطلاق مبادرات صينية جديدة لدعم التنمية المستدامة، مع التركيز على تعزيز التضامن والتنسيق بين الدول الأعضاء.
كما أشار إلى أن الصين ستواصل العمل مع جميع الأطراف لتعزيز دور المنظمة على الساحة العالمية، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية والتذبذب الاقتصادي العالمي.
حضور عالمي ودلالات دبلوماسية
شهدت القمة حضورًا بارزًا لقادة دول مثل روسيا، الهند، إيران، وتركيا، مما يعكس الثقل الاستراتيجي المتزايد لمنظمة شنغهاي.
ومن بين الحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. وأكدت مصادر دبلوماسية أن القمة شهدت عددًا كبيرًا من اللقاءات الثنائية على هامشها، بما في ذلك محادثات بين بوتين وشي جين بينغ، وبين بوتين وأردوغان لمناقشة قضايا مثل الصراع في أوكرانيا والملف النووي الإيراني.
مشاركة عربية ومصرية بارزة
شارك في القمة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث ألقى كلمة مصر التي أكد فيها على دعم مصر للتعددية وتعزيز التعاون الإقليمي.
كما أشار إلى التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، داعيًا إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية ودعم القضية الفلسطينية.
وتعد المشاركة المصرية دليلاً على الدور المتزايد للدول العربية في إطار منظمة شنغهاي.
قمة تاريخية بطموحات كبيرة
اختتم الرئيس شي جين بينغ كلمته بالتأكيد على أن قمة تيانجين ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل خطوة تاريخية نحو توحيد جهود الجنوب العالمي وتعزيز الحضارة الإنسانية. ومع استمرار القمة حتى اليوم الثاني، يترقب العالم مخرجاتها التي قد ترسم ملامح جديدة للتعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية.