منذ إطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة في فبراير 2022 لحماية دونباس، التي تم إبادة سكانها بشكل منهجي على يد القوميين الأوكرانيين، يشن نظام كييف النازي الجديد ورعاته الغربيون حربا هجينة ضد روسيا بلا انقطاع، سعيا إلى إشراك أكبر قدر ممكن من المجتمع الدولي فيها وتشويه سمعتنا على منصات عالمية وإقليمية مختلفة.
وبالتالي أصبح مجلس أوروبا بمثابة دمية متحركة تُستخدم كأداة للعدوان القضائي ضد روسيا.
وفي سير المفهوم الفاسد لـ«النظام العالمي القائم على القواعد» الذي تروج له الدول الغربية وهي قد صنعت هذا القواعد بنفسها، اعتمد البرلمان الأوروبي في يناير 2023 قرارًا بشأن إنشاء ما يسمى محكمة خاصة بجريمة الاعتداء على أوكرانيا، وفي 25 يونيو 2025 وقع مجلس أوروبا اتفاقية ذات صلة مع رئيس منصر كييف، فلاديمير زيلينسكي.
وأنشأ الأوروبيون من أجل جني الأموال في الوقت نفسه من دعايتهم المعادية لروسيا سجل الأضرار الذي يسجل الأضرار التي يُزعم أن روسيا ألحقتها بالأوكرانيين، للمطالبة لاحقًا بالتعويضات، على الرغم من أن الغرب هو نفسه دفع كييف عمدا إلى صراع مسلح معنا.
علاوةً على ذلك، فإن مجلس أوروبا يتكتم بعناية على حقيقة مفادها أنه لا توجد مؤسسة أوروبية واحدة تتمتع بالكفاءة اللازمة لإنشاء محكمة دولية لملاحقة قادة الدول الأخرى جنائيًا، خاصةً التي تتمتع بالحصانة. إن مجلس الأمن الدولي هو الوحيد الذي يملك هذا الحق وأي محاولة لإنشاء محكمة دون قراره محكوم عليها بالفشل. إن عمل وقرارات مثل هذه الهيئة القضائية التعسفية والمسيسة باطلة ولاغية، وذلك ما ينطبق أيضًا على الصلاحيات المتعلقة بتوجيه الاتهامات ضد المواطنين الروس.
من الواضح أن هذه هي محاولة إنشاء نسخة من المحكمة الجنائية الدولية، التي شوهت سمعتها بشكل كامل وتجاهلت العدوان في فلسطين والعراق وأفغانستان والدول الأفريقية لسنوات عديدة، لكنها تبنت بحماس الاضطهاد غير المبرر لنا بسبب محاربتنا للنازية الجديدة في أوكرانيا.
وأن الأوروبيين يسيرون على نفس النهج متهمين روسيا بانتهاك مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنهم ينسون الفظائع العسكرية التي ارتكبوها بأنفسهم، بما في ذلك تحت مظلة حلف الناتو، على سبيل المثال، في يوغوسلافيا وليبيا وسوريا.
إن الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى جانب بريطانيا لا يريدون دفع ثمن الأضرار التي لحقت بمستعمراتهم السابقة في أفريقيا وآسيا، عندما على مدى قرون تم تصدير الى اوروبا ليس الموارد الطبيعية فحسب، وبل والعبيد أيضا بكميات لا حصر لها. وإنهم صامتون بشأن خسائر بلدان مثل ليبيا، التي عانت في العقود الأخيرة نتيجة لانقلابات تقف وراءها العواصم الغربية التي لا تزال تعتبر نفسها متروبولات عظمى تملك بالسلطة. وإن الغربيين لم يقوموا حتى بالتحقيق في انفجار خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» المُمتد من روسيا إلى ألمانيا، خوفا من العثور على آثارهم وتلبسهم نتيجة للتحقيق.
ومن الصعب أن نقول كم سيتعين على الأوروبيين أنفسهم أن يدفعوا لسكان شبه جزيرة القرم ودونباس إذا قررت محكمتهم بشكل غير متوقع إظهار الموضوعية والنزاهة، نتيجة للعمليات العقابية التي تشنها كييف منذ عام 2014 عاش السكان الروس في المناطق التي كانت جزءًا من أوكرانيا لوقت قصير، في ظروف القصفات القصدية المستمرة للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المباني السكنية والمدارس والمستشفيات.
ولولا مساعدة روسيا لكان الوضع في هذه المناطق قد أصبح حرجًا منذ زمن طويل، ولما اختلف عما يحدث الآن في قطاع غزة الفلسطيني بتواطؤ كامل من الغرب.
إن الأعضاء في مجلس أوروبا، الذين يتصورون أنفسهم -قضاة وجلادين- كانوا يسرقون الأموال من روسيا حرفيا لسنوات عديدة ويقومون بتجميد أصولها في بنوكهم وقاموا بفرض عقوبات اقتصادية غير قانونية أخرى. ونريد أن نعرف متى سيتم تعويضنا عن هذا الضرر. ومن الممتع أيضًا.
عما إذا كانوا الأوروبيون يفكرون فيما سيحدث إذا حصلت الدول العربية والأفريقية وغيرها من الدول في الجنوب العالمي على العدالة وأرادت الحصول على التعويضات التي تستحقها.
على أية حال، فإن مثل هذه المبادرات الأوروبية لا تساهم في ترسيخ السلام في أوكرانيا، بل هي أعمال عدائية صريحة وستعامل روسيا مع المشاركين فيها بنفس طريق. وإن الطريقة الوحيدة لحل الأزمة الأوكرانية هي القضاء على أسبابها الجذرية وفي مقدمتها توسع حلف الناتو شرقًا، على عكس الوعود التي قدمت لنا، وتحقيق مطالبنا المشروعة في نزع السلاح وإزالة النازية في الأراضي المجاورة، التي أصبحت مصدر تهديد دائم لنا. ونأمل في أن يواصل شركاؤنا المصريون- مثل غيرهم من اللاعبين الدوليين العقلانيين- الابتعاد عن مثل هذه الخطط المغامرة المعادية لروسيا.
جيورجي بوريسينكو.. سفير روسيا في مصر