سحر رجب
أثار استحداث محكمة خاصة لجريمة اعتداء روسيا على أوكرانيا الموقع في يوم 26 يونيو 2025 استياء موسكو الشديد.
أدانت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في 26 يونيو الماضي: ظهرت معلومات أن مجلس أوروبا وقع في 25 يونيو 2025 اتفاقية مع قادة نظام كييف حول إنشاء “محكمة خاصة بجريمة الاعتداء على أوكرانيا”.
حيث قام فلاديمير زيلينسكي بزيارة إلى ستراسبورج والقى تصريحات خلال الجلسة العامة للجمعية البرلمانية التابعة لمجلس اوروبا.
ويعتبر مجلس أوروبا من أوائل الجهات التي تحدثت لصالح تشكيل آليات شبه قانونية موجهة ضد روسيا .
ففي البداية، كانت مثل هذه المبادرات من قبل الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ذات التوجهات المتطرفة، التي أصبحت منذ فترة طويلة معقلا للكراهية الغربية لروسيا والمعايير المزدوجة.
والآن حظيت أفكارها التدميرية بشأن إنشاء ما يسمى “المحكمة الخاصة” وفي الواقع “محكمة مسيسة” بدعم لجنة الوزراء، التي منحت في 24 يونيو من هذا العام الأمين العام لمجلس أوروبا صلاحية عقد صفقة ساخرة مع رئيس نظام النازية الجديدة.
إن السياسيين الغربيين الذين اتخذوا هذا القرار فتحوا بالفعل صفحة أخرى مخزية في تاريخ مجلس أوروبا (وهناك بالفعل العديد منها) وهو هيكل إقليمي يدعي عبثا أنه يلعب دورا خاصا في حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. وإن الأعضاء فيه لا يملكون أي فكرة عما تعنيه “حقوق الإنسان” ولم يشعروا بالقلق قط بشأن وضع اللغة الروسية ووضع الناطقين بالروسية والاضطهاد الذي يمارسه نظام كييف منذ سنوات عديدة ضد أولئك الذين يريدون معرفة لغتهم الأم والتحدث بها.
من يريد أن يعرف ويتذكر تاريخه ومن يريد أن ينقل إلى الأجيال القادمة “ثمار” عمله وإبداعه وثقافته.
ولم يقدموا تقريرا أو بيانا ولو لمرة واحدة على الإطلاق في أي من هذه المناسبات.
لقد أكدنا مرارا وتكرارا موقفنا الأساسي وهو إن مجلس أوروبا ليس من اختصاصه إنشاء محاكم جنائية أو تحديد وجود عمل عدواني وليس لديه الصلاحيات المقابلة. ومع ذلك، لا ترى ستراسبورغ أنه من الضروري “الدخول في التفاصيل”. وحسنا، يمكنك فقط رسم شيء ما، والورق يمكنه التعامل مع أي شيء.
ومن أجل إطلاق “محكمة خاصة” شبه قانونية في أسرع وقت ممكن، فإن البيروقراطية الأوروبية في مجلس اوروبا مستعدة للتضحية بكل شيء، وفي المقام الأول، بالمعايير والقواعد القانونية، وبالتالي تدوس على القانون الدولي.
وفي الوقت نفسه، تسعى إلى النجاح في “احتواء” روسيا من خلال تصعيد الأزمة الأوكرانية.
والجدير بالذكر انه من الناحية الشكلية البحتة تم تصميم “المحكمة الخاصة” المعلنة ذاتيا كمحكمة أوكرانية ذات عنصر دولي.
ما هذا؟ يبدو لي أن هذا السؤال يستحق العمل العلمي. وهذا يعني أنها لا تمتلك ولن تمتلك أي شرعية دولية، وأن صلاحياتها في توجيه اتهامات ضد مواطنين روس ولن تكون أوسع من صلاحيات المحاكم العادية في أوكرانيا.
ورغم كل المحاولات لم يتمكن محرضو “المحكمة” من التوصل إلى اتفاق على أي شيء أكثر من ذلك، حتى من جانب الدول الأوروبية. ولكن التوقيع الحالي على الاتفاق لا يؤدي بعد إلى إنشاء “محكمة” فعلية لأنه قبل ذلك، ووفقا لقوانين البيروقراطية الأوروبية، لا تزال هناك مراحل عديدة يتعين قطعها.
وعلى أي حال، فإن عمل وقرارات هذه المؤسسة ستكون غير ذات أهمية بالنسبة لروسيا
. وسننظر إلى انضمام أي دولة إلى “المحكمة” باعتباره خطوة عدائية تعكس الرغبة ليس في حل الأزمة الحالية حول أوكرانيا، بل في تفاقمها.
وفيما يتعلق بمثل هذه الأداة من أدوات العدالة التعاقدية، سيتم اتخاذ التدابير التقييدية المنصوص عليها في تشريعات روسيا الاتحادية. وسيتم أيضا تقييم تصرفات أشد المتحمسين لها من الناحية الجنائية والقانونية.
ونأمل في أن تستمر جميع الدول العاقلة في الابتعاد عن الخطط المغامرة التي يتبناها مجلس أوروبا اليوم.
في الوقت الذي أشادت فرنسا بتوقيع الاتفاق الثنائي بين مجلس أوروبا وأوكرانيا بشأن تأسيس محكمة خاصة بجريمة اعتداء روسيا على أوكرانيا، خلال مراسمٍ عُقدت في 25 يونيو 2025 في مجلس أوروبا في ستراسبورج بحضور الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
وتُثني فرنسا على إحراز هذا التقدم المنقطع النظير الذي يسجل أول مرحلة من مراحل العملية المفضية إلى إنشاء هذه المحكمة الجديدة التي تُعدّ مؤسسةً ضروريةً بغية إحقاق العدالة من أجل ضحايا العدوان الروسي والمتضررين منه.
واستثمرت فرنسا كل طاقتها في الأعمال التحضيرية الخاصة باستحداث محكمة تكافح الإفلات من العقاب على جرائم العدوان التي ترتكبها روسيا.
وستواكب فرنسا في إطار مجلس أوروبا المراحل المقبلة التي يتعين إحرازها من أجل إنشاء هذه المحكمة الخاصة وستواصل التزامها في دعم أوكرانيا في سعيها إلى إحقاق العدالة ونضالها من أجل سيادتها وسلامة أراضيها طالما اقتضت الحاجة.