ذوبان الجليد: تقارب مصري إيراني يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط

 

في تحول دراماتيكي يعكس تغيرات التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تشهد العلاقات بين مصر وإيران تقاربًا ملحوظًا خلال عام 2025، بعد عقود من التوتر والانقطاع الدبلوماسي.

هذا التقارب، الذي بدأ بخطوات حذرة في عام 2023، يأتي وسط توترات إقليمية متصاعدة، بما في ذلك الصراعات في غزة واليمن، والمخاوف من تصعيد إسرائيلي-إيراني. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الخطوات قد تعيد تعريف الخريطة السياسية للمنطقة، مع تركيز على التعاون الاقتصادي والأمني.

خلفية تاريخية: من التحالف إلى الخصومة

تعود جذور العلاقات المصرية الإيرانية إلى عهد الشاه محمد رضا بهلوي، حيث كانت العلاقات وثيقة، لكنها انقطعت تمامًا بعد الثورة الإيرانية عام 1979، بسبب خلافات أيديولوجية ودعم إيران لجماعات إسلامية في المنطقة. خلال عقود، سادت التوترات، مع اتهامات متبادلة حول دعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية. وفقًا لاستطلاع رأي عام 2013 من بي بي سي، يرى 48% من المصريين تأثير إيران سلبيًا، مقابل 15% إيجابيًا.

 

ومع ذلك، بدأت بوادر التقارب في 2023، مدفوعة بضغوط إقليمية ودولية، مثل الوساطة السعودية والعمانية.

 

التطورات الحديثة في 2025: زيارات دبلوماسية وزيادة الثقة

شهد عام 2025 تسارعًا في التقارب، مع زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس أراغتشي إلى القاهرة في يونيو الماضي، حيث التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي لبحث تطوير العلاقات الثنائية وتهدئة التوترات الإقليمية.

 

أكد أراغتشي أن مستوى الثقة السياسية بين البلدين وصل إلى “مستوى غير مسبوق”، مشددًا على التعاون المشترك في مواجهة التحديات.

كما اتفق الجانبان على إجراء مشاورات سياسية منتظمة لتعزيز العلاقات.

في أغسطس 2025، عقد وزيرا الخارجية المصري والإيراني محادثات في السعودية، ناقشا تعزيز الروابط الثنائية والبرنامج النووي الإيراني، وسط مخاوف دولية من تصعيد.

 

كما أعربت إيران عن رغبتها في توقيع مذكرة تفاهم سياحية مع مصر، معتبرة السياحة بوابة لإحياء العلاقات.

 مصالح مشتركة واقتصادية

يُعزى هذا التقارب إلى عدة عوامل. اقتصاديًا، تواجه مصر أزمة ديون، بينما تعاني إيران من عقوبات دولية، مما يدفع البلدين نحو تعاون تجاري، مثل زيادة استخدام قناة السويس وتبادل التجارة.

أمنيًا، يسعى الجانبان لمواجهة التوترات الإقليمية، مثل الصراع الإسرائيلي-فلسطيني والحرب في اليمن. أكد الرئيس السيسي أهمية المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، معتبرًا إياها خطوة نحو الاستقرار.

 

كما يلعب دور الصين في تعزيز هذه العلاقات، حيث تعمل بكين على تعزيز روابطها مع كلا البلدين لسنوات.

 

ومع ذلك، يظل التقارب حذرًا، مع عقبات مثل الخلافات حول البرنامج النووي الإيراني والدعم لجماعات مسلحة.

التحديات والمخاطر: بين الفرص والعقبات

رغم الإيجابيات، تواجه العلاقات عقبات كبيرة. يخشى بعض المراقبين أن يثير التقارب غضب حلفاء مصر التقليديين، مثل الولايات المتحدة والسعودية، خاصة في ظل التوترات مع إسرائيل.b5b7e1 كما أدانت مصر أي تصعيد عسكري، مثل الضربات المزعومة على منشآت نووية إيرانية، مطالبة بحل سلمي.5f84aa وفي حال اندلاع حرب إسرائيلية-إيرانية، قد تكون مصر الخاسر الأكبر، بسبب تأثيرها على الاقتصاد والأمن.12fbc9

خاتمة: نحو مستقبل غير مؤكد

مع استمرار التقارب، يبدو أن مصر وإيران تسعيان لتحقيق توازن جديد في المنطقة، ربما مدعومًا بوساطة دولية.

ومع ذلك، يظل الطريق مليئًا بالعقبات، وسيحدد الشهور القادمة ما إذا كان هذا “الذوبان الجليدي” تحولًا دائمًا أم مجرد مرحلة مؤقتة.

في النهاية، قد يساهم هذا التقارب في تهدئة التوترات الإقليمية، لكنه يتطلب جهودًا مستمرة لتجاوز الخلافات التاريخي

عن وجه افريقيا