ذكرى النصر الصيني: سفير بكين في القاهرة يدعو للوحدة العالمية ضد الإمبريالية وتعزيز الشراكة مع مصر

سحر رجب

في رسالة مفعمة بالتاريخ والأمل، ألقى السفير الصيني في القاهرة، لياو ليتشيانج، كلمة بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الـ80 لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية.

جاءت الكلمة في سياق الفعاليات التي أقيمت في بكين يوم 3 سبتمبر الجاري، والتي شهدت عرضاً عسكرياً مهيباً في ميدان تيانآنمن، بحضور قادة دوليين بارزين، بما في ذلك الفريق كامل الوزير، المبعوث الخاص للرئيس المصري ونائب رئيس مجلس الوزراء.

أكد السفير ليتشيانج في كلمته، على أهمية إحياء ذكرى هذا النصر التاريخي، معتبراً إياه “نقطة تحول للأمة الصينية من أزماتها العميقة نحو نهضتها العظيمة”.

وشدد على دور الصين كساحة رئيسية في الحرب العالمية ضد الفاشية، حيث قدمت تضحيات جسيمة بلغت 35 مليون شهيد عسكري ومدني، مما ساهم في إنقاذ الحضارة البشرية ودعم دول الحلفاء.

النصر التاريخي ودروسه الاستراتيجية

في سياق استعراضه للأحداث التاريخية، أوضح السفير أن حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني كانت جزءاً أساسياً من الحرب العالمية الثانية، إذ بدأت مبكراً واستمرت لفترة أطول.

وقال:  السفير الصيني “وقف أبناء الشعب الصيني صفا واحدا لمقاومة الغزاة، وقاتلوا من أجل بقاء الوطن ونهضة الأمة والعدالة البشرية”.

وأشار إلى أن الحزب الشيوعي الصيني قاد بناء جبهة متحدة دولية ضد الفاشية، مما عزز التضامن مع شعوب العالم.

كما ربط السفير بين هذا النصر وبداية الصداقة بين الصين ومصر، قائلاً إنه “بذر بذور الصداقة بين الصين ومصر لدعم بعضهما البعض في النضال ضد الاستعمار والإمبريالية والدفاع عن السيادة والاستقلال”.

وأكد أن هذا الانتصار شجع الدول المستعمرة على السعي نحو الاستقلال، مساهماً في حركة التحرر الوطني العالمية بعد الحرب.

الحفاظ على النظام الدولي ما بعد الحرب

انتقل السفير إلى أهمية الحفاظ على النظام الدولي الذي أسسته الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى دور الصين كدولة منتصرة رئيسية في تأسيس الأمم المتحدة وميثاقها.

وقال السفير الصيني في مصر : “تعاونت الصين مع دول العالم في إقامة نظام دولي يتمحور على الأمم المتحدة، مما كتب فصلاً جديداً لتعاون دول العالم في إحلال السلام وتحقيق التنمية”.

وفي سياق حساس، تطرق السفير إلى قضية تايوان، معتبراً عودتها إلى الصين “جزءاً مهماً من إنجازات الحرب العالمية الثانية”.

وأكد على وثائق تاريخية مثل “إعلان القاهرة” و”إعلان بوتسدام”، التي تثبت سيادة الصين على تايوان.

كما شدد على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 لعام 1971، الذي استعاد حقوق جمهورية الصين الشعبية وطرد ممثلي تايوان، محذراً من أي محاولات للتشكيك في هذا القرار أو خلق “صينين” أو “صين واحدة وتايوان واحدة”.

وأعرب عن تقدير الصين لدعم مصر الثابت في هذه القضية، مؤكداً أن “الوحدة الصينية أمر حتمي وزخم لا يقاوم”.

رؤية مستقبلية: السلام والازدهار المشترك

في ختام كلمته، دعا السفير إلى استخلاص الدروس من التاريخ لخلق مستقبل مشرق، مشيراً إلى تغيرات العالم المتسارعة والتحديات مثل عقلية الحرب الباردة والهيمنة.

ونقل عن الرئيس شي جين بينغ قوله إن “التاريخ علّمنا أن الجنس البشري يربطهم مستقبل مشترك، ولا يمكن الحفاظ على الأمن المشترك إلا من خلال التعامل بالمساواة والانسجام”.

وأبرز السفير مبادرات الصين للتنمية والأمن والحضارة العالمية، معتبراً العلاقات الصينية-المصرية “نموذجاً للعلاقات الدولية من نوع جديد”.

وقال: “تسير الصين ومصر جنباً إلى جنب نحو بناء مجتمع المستقبل المشترك في العصر الجديد، ونحرص على العمل سوياً للحفاظ على إنجازات الحرب العالمية الثانية، ورفض التصرفات الأحادية، مما يضفي قوة دافعة جديدة للعلاقات الصينية العربية والإفريقية، ويقدم مساهمة أكبر للحفاظ على السلام والاستقرار العالمي ودفع التنمية والازدهار”.

التأثير على العلاقات الثنائية

تأتي كلمة السفير في وقت تشهد فيه العلاقات الصينية-المصرية تطوراً ملحوظاً، مع مشاركة مصرية رفيعة المستوى في الفعاليات الصينية، مما يعكس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

ويُتوقع أن تعزز هذه الرسالة التعاون في مجالات التنمية والأمن، خاصة في ظل التحديات العالمية الحالية.

بهذه الكلمة، يؤكد السفير ليتشيانج على أن ذكرى النصر ليست مجرد احتفال تاريخي، بل دعوة للوحدة العالمية في وجه التهديدات المعاصرة، مع التركيز على دور مصر كشريك حيوي في بناء عالم أكثر سلاماً وازدهاراً.

عن وجه افريقيا