سياسي سوداني عمل بالجيش النظامي قبل أن يعلن تمرده. فاوض نظام عمر البشير ووقّع معه اتفاق سلام ليصبح نائبا للرئيس، ورئيسا لحكومة جنوب السودان. توفي في تحطم مروحيته عام 2005.
المولد والنشأة
ولد جون قرنق يوم 23 يونيو 1945 في بور بجنوب السودان لأسرة ميسورة من قبيلة الدنكا، انتقلت للعيش في تنزانيا.
الدراسة والتكوين
أنهى قرنق دراسته في مراحلها الأولى في تنزانيا، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة حيث حصل على إجازة في العلوم عام 1971، ثم عاد إليها بعد ثلاث سنوات في دورة عسكرية دامت عامين، وانخرط لاحقا في الأكاديمية العسكرية في الخرطوم، وانضم إلى الجيش برتبة نقيب.
التجربة السياسية
انضم جون قرنق عام 1971 إلى حركة جوزيف لاغو المتمردة فعين مساعدا لزعيم الحركة، وبعد الاتفاق بين الأنيانيا (حركة تمرد انفصالية تأسست في الخمسينيات) وحكومة جعفر النميري انضم قرنق عام 1972 إلى صفوف الجيش السوداني برتبة نقيب وسافر إلى أميركا للدراسة والتدريب، وما إن رجع عام 1981 حتى عين عقيدا في الجيش السوداني كما كان يعطي دروسا في أكاديمية الخرطوم العسكرية.
وفي مايو 1983 رفضت كتيبة من الجنوبيين تبلغ خمسمئة جندي بقيادة الرائد كاربينو كوانين بول التوجه نحو الشمال، فتم تكليف قرنق بإخماد هذا التمرد، وبدلا من الانصياع للأوامر أعلن نفسه زعيما لمن أرسل لتأديبهم وأسس حينها “الجيش الشعبي لتحرير السودان”.
وبعد الإطاحة بالنميري في أبريل 1985 بدأت حركة قرنق مفاوضات مع حكومة المشير عبد الرحمن سوار الذهب وتم التوقيع على وثيقة كوكدام بين الطرفين في إثيوبيا في مارس 1986.
امتنع قرنق من الانضمام لحكومة الصادق المهدي المنتخبة في أبريل 1986 لتوقفها عن العمل بمبادرة كوكدام ما أعاد التوتر إلى الجنوب.
وعند استيلاء الفريق عمر حسن البشير على الحكم نهاية يونيو 1989 ظل التوتر سائدا بين حركة قرنق وحكومة الإنقاذ ذات التوجهات الإسلامية، وكانت أهم نقاط الخلاف بينهما:
قضية الدين والدولة
وبلغ التوتر مداه في مارس 1997 حين وقع قرنق إلى جانب مختلف فصائل المعارضة السودانية ما عرف باتفاق أسمرة الذي تبنى ضرورة إسقاط حكومة عمر البشير.
عرفت حركة قرنق أول انشقاق داخلي في أغسطس 1991 حين انسلخ عنها رياك مشار (من قبيلة النوير) ولام أكول (من قبيلة الشلك) تاركين لقرنق الحركة التي أصبحت تهيمن عليها قبيلة الدنكا، وقد عرف هؤلاء المنشقون باسم حركة الناصر (لإقامة مؤتمرهم الأول في مدينة الناصر)، ودعا المنسلخون إلى انفصال الجنوب عن الشمال وإقامة دولة خاصة به، في حين دعا قرنق إلى إقامة دولة سودانية واحدة شرط أن تكون علمانية. وقد احتدم الصراع بين حركة قرنق وحركة الناصر أو بين قبيلة الدنكا وقبيلتي النوير والشلك في التسعينيات فتعاظم القتال في منطقة ريفية تضم ثلاث مدن، هي واط وأيور وكونفور، في ما أصبح يعرف بمثلث الموت، حيث مات عشرات الآلاف من الطرفين.
تعرضت حركة قرنق من 1989 إلى 1995 لهزات عنيفة بسبب الانشقاقات الداخلية واشتداد ضربات الجيش السوداني على معاقلها، إلا أن نية الأميركيين عزل نظام عمر البشير مع بداية التسعينيات واتهامهم حكومة الخرطوم برعاية الإرهاب جعلت قرنق وحركته يتصدران السياسة الأميركية مما أعاد النشاط إليها من جديد.
أيدت الحركة الشعبية برئاسة قرنق إعلان مبادئ الإيغاد عام 1995 الذي رفضته حكومة البشير في البداية ثم قبلت به عام 1997، ومن هنا دخلت هذه الحكومة في سلسلة من المفاوضات مع قرنق أشرفت عليها الإيغاد والولايات المتحدة، وكان أهم ما تم التوصل إليه اتفاق مشاكوس عام 2002 واتفاقية نيفاشا ثم الترتيبات الأمنية عام 2003، التي أدت إلى توقيع على اتفاق السلام الشامل بين الجانبين الذي أصبح بمقتضاه قرنق نائبا للرئيس السوداني ورئيس حكومة جنوب السودان.
وتوفي جون قرنق في 30 يوليو/تموز 2005 إثر تحطم مروحيته لما كان عائدا إلى من أوغندا.
المصدر : الجزيرة