سحر رجب
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إن النزاع في أوكرانيا لا يزال مستمرا، والوضع في هذه الدولة بعيد كل البعد عن تحقيق السلام.
وأضاف: “نحن نحقق التقدم حيثما أمكن ذلك، لا سيما في تسهيل تصدير المواد الغذائية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا”.
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة: “ولكننا لا نزال بعيدين كل البعد عن تحقيق السلام في أوكرانيا، وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وأشار الأمين العام إلى العواقب العالمية العميقة، لما يحدث على أسعار الغذاء والطاقة العالمية، وبالنسبة للتجارة وسلاسل التوريد ولقضايا السلامة النووية
ومنذ عدة أيام قبيل الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب في أوكرانيا، عقد مجلس الأمن جلسة مفتوحة خُصصت لبحث آخر التطورات السياسية والإنسانية للحرب الروسية في أوكرانيا.
وجاءت الجلسة بطلب من ألبانيا والولايات المتحدة وهما الدولتان المعنيتان حاليا بصياغة القرارات بشأن الوضع في أوكرانيا في مجلس الأمن.
واستمع أعضاء المجلس إلى إحاطة شاملة قدمتها وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، جددت فيها ما قاله الأمين العام من قبل عن أن غزو روسيا لأوكرانيا هو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأشارت إلى أن هذه الحرب تسببت في كارثة إنسانية وحقوقية، وتسببت بصدمة لجيل من الأطفال، وعجلت بأزمتي الغذاء والطاقة العالميتين.
وشددت على أن أوكرانيا وروسيا والعالم لا يستطيعون تحمل استمرار هذه الحرب، مؤكدة استعداد الأمين العام للأمم المتحدة لمساعدة الأطراف على إنهاء هذا الصراع العبثي وغير المبرر، على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
تواصل الغارات الروسية المكثفة
قالت ديكارلو إنه ما من نهاية للقتال أو المعاناة تلوح في الأفق مع اقتراب الحرب في أوكرانيا من ذكراها السنوية الأولى.
وأشارت إلى أن القوات الروسية واصلت غاراتها على المدن الأوكرانية الرئيسية طوال موسم الأعياد.
“وقد أمضى الكثير من الأوكرانيين ما كان يعتبر عادة فترة احتفالية في الملاجئ بعيدا عن الاحتفال، كان عدد لا يحصى من العائلات في جميع أنحاء البلاد في حالة حداد على فقدان أحبائهم”.
وأفادت روزماري ديكارلو باستمرار الهجمات خلال العام الجديد على الرغم من الإعلان عن وقف محتمل للأعمال العدائية بمناسبة عيد الميلاد الأرثوذكسي، وهو يوم مقدس لكل من الروس والأوكرانيين.
18 ألف ضحية منذ الغزو
وأشارت وكيلة الأمين العام إلى اشتداد القتال البري، خاصة في إقليم دونيتسك. ففي مناطق الأعمال العدائية النشطة مثل باخموت وسوليدار، تشكل المعارك المكثفة بما في ذلك قتال الشوارع، تهديدا كبيرا للسكان المدنيين الذين لا يزالون هناك.
وفي بخموت وحدها، وثق مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مقتل 22 مدنيا وجرح 72 منذ أوائل ديسمبر.
وقالت ديكارلو إن مكتب حقوق الإنسان تحقق من وقوع أكثر من 18 ألف ضحية مدنية منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير 2022. ويشمل هذا المجموع ما يقرب من 7 آلاف قتيل وأكثر من 11 ألف جريح. ومن المحتمل أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بكثير.
فرار الملايين من أوكرانيا
وقد أجبرت الحرب الملايين على الفرار من ديارهم. وأشادت السيدة ديكارلو بكرم البلدان التي استضافت حوالي 7.9 مليون شخص طلبوا الحماية في أوروبا، وشجعت الدول على بذل مزيد من الجهود لضمان وصول اللاجئين إلى الحقوق والخدمات بصورة عادلة في النظم الوطنية.
أما داخل أوكرانيا، فقد نزح نحو 5.91 مليون شخص، 65 في المائة منهم من النساء والفتيات.
تقييم أممي لاحتياجات البنية التحتية
بناء على طلب من أوكرانيا إلى الأمين العام، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقييما للأضرار – محدد القطاع- بالتعاون مع البنك الدولي.
ويهدف التقييم، الذي هو قيد التنفيذ الآن، إلى تحديد الاحتياجات الأكثر أهمية بالنسبة لاستعادة البنية التحتية للطاقة المتضررة، مع اكتمال 90 في المائة من عملية جمع البيانات، وفقا للمسؤولة الأممية.
وكان عدد الهجمات المسجلة على مرافق الرعاية الصحية في العام الماضي هو الأعلى في العالم، حيث تم تسجيل 745 حادثة حتى 4 يناير.
وفي المناطق الأكثر تضررا شرق وجنوب البلاد، أفادت تقارير بأن 15 في المائة من المرافق إما أنها لا تعمل جزئيا أو بصورة كاملة، وما يصل إلى 50 في المائة في دونيتسك وزابوريجيا وميكولايف وخاركيف.
ندوب غير مرئية
وقالت ديكارلو إن الحرب تترك أيضا ندوبا …وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ورد أن ما يقرب من ربع السكان معرضون لخطر الإصابة بحالة صحية نفسية بسبب هذه الحرب.
وسيكون لتدمير وإغلاق المدارس تأثير دائم على الأطفال والشباب، حيث تأثر ما يقدر بنحو 5.7 مليون طفل في سن الدراسة بشكل مباشر، بما في ذلك 3.6 مليون بسبب إغلاق المؤسسات التعليمية في وقت مبكر من الصراع.
منظمات الإغاثة
في هذا السياق، قالت ديكارلو إن منظمات الإغاثة واصلت جهودها في الأشهر الأخيرة بهدف توسيع عمليات إنقاذ الأرواح في المناطق التي كان يتعذر الوصول إليها سابقا، بما في ذلك مناطق خاركيف وخيرسون.
وقدم الشركاء في المجال الإنساني- اعتبارا من 5 كانون الثاني/يناير، الغذاء إلى ما يقرب من 9 ملايين شخص. وتلقى نفس العدد من الأشخاص دعما صحيا حرجا في جميع أنحاء البلاد.
وإجمالا، تلقى ما يقرب من 14 مليون شخص المساعدة من أكثر من 740 جهة شريكة منذ 24 شباط/فبراير من العام الماضي، وهذا يشمل مليون شخص في مناطق لا تخضع لسيطرة حكومة أوكرانيا.
لكن الاستجابة الإنسانية تتعرض لقيود شديدة كي تصل إلى المحتاجين، لا سيما في المناطق الشرقية الخاضعة للسيطرة الروسية.
وقالت روزماري ديكارلو إن الأطراف يتعين عليها- تماشيا مع القانون الإنساني الدولي- تسهيل المرور السريع ودون عوائق للإغاثة الإنسانية لجميع المدنيين المحتاجين.
محاسبة مرتكبي الانتهاكات
وأشارت وكيلة الأمين العام إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تواصل توثيق مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ودعم الجهود الرامية إلى المساءلة.
منذ فبراير، وثّقت المفوضية أكثر من 90 حالة من حالات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
وشددت على ضرورة محاسبة جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يواصل عمله في أوكرانيا، حيث ظل يحتفظ بوجوده هناك منذ مايو 2022.
تطورات إيجابية
في هذا السياق، رحبت وكيلة الأمين العام بالاتصالات المستمرة والتزام الطرفين بمواصلة تبادل أسرى الحرب، وكان آخرها ما تم يوم الأحد حيث تم تبادل 50 أسيرا أوكرانيا و50 أسيرا روسيا.
وقالت إنها شعرت بالتفاؤل إزاء الاجتماع الذي استضافته تركيا في 11 كانون الثاني / يناير بين أمناء المظالم من الجانبين الروسي والأوكراني بشأن هذه المسألة.
مبادرة الحبوب
من ناحية أخرى، قالت ديكارلو إن مبادرة حبوب البحر الأسود وعلى الرغم من السياق الصعب الذي تعمل فيه، إلا أنها تواصل إحداث الفرق، بما في ذلك من خلال المساعدة في خفض أسعار الغذاء العالمية.
وقد تم حتى الآن نقل أكثر من 17 مليون طن متري من المواد الغذائية في إطار المبادرة، وقد وصلت أو أنها في طريقها إلى الوصول لنحو 43 دولة.