سحر رجب
تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا توترًا غير مسبوق منذ سنوات، بعد أن عززت واشنطن وجودها العسكري في البحر الكاريبي في خطوة وصفتها بأنها عملية لمكافحة تهريب المخدرات، بينما تراها كاراكاس محاولة عدوانية تهدف إلى تغيير النظام في البلاد.
فمنذ نحو شهرين، بدأ الجيش الأمريكي نشرًا واسعًا للسفن الحربية والطائرات المقاتلة والقاذفات الاستراتيجية ومشاة البحرية والطائرات المسيرة وطائرات الاستطلاع في المنطقة، في ما يُعد أكبر انتشار عسكري أمريكي في الكاريبي منذ عقود.
وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إن العملية تهدف إلى التصدي لشبكات تهريب المخدرات التي يُعتقد أنها تستخدم السواحل الفنزويلية كنقطة عبور نحو الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الخطوة تأتي في إطار تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة الأنشطة غير الشرعية.
في المقابل، اعتبرت الحكومة الفنزويلية برئاسة نيكولاس مادورو أن التحركات الأمريكية تمثل “حربًا غير معلنة” ضد بلادها، مؤكدة أن واشنطن تستخدم ذريعة مكافحة المخدرات لتبرير تدخل عسكري محتمل في شؤونها الداخلية.
وقال وزير الدفاع الفنزويلي في تصريح رسمي إن بلاده “ترى في هذا الحشد العسكري تهديدًا مباشرًا للسيادة الوطنية”، مضيفًا أن القوات المسلحة الفنزويلية “في حالة تأهب تام للدفاع عن أراضيها ضد أي استفزاز”.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تواجه فيه فنزويلا ضغوطًا اقتصادية وسياسية متزايدة من جانب الولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات مشددة على قطاعي النفط والمال في البلاد منذ عام 2019، في محاولة لدفع الحكومة إلى إجراء إصلاحات سياسية وتنظيم انتخابات حرة.
ويرى محللون أن التحركات العسكرية الأمريكية تمثل رسالة ضغط مزدوجة على كاراكاس، تجمع بين الردع العسكري والضغط الدبلوماسي، خاصة بعد فشل محادثات سابقة بين الجانبين في إحراز تقدم حول تخفيف العقوبات مقابل إصلاحات داخلية.
في المقابل، تحاول فنزويلا حشد دعم من روسيا والصين ودول أمريكا اللاتينية لمواجهة ما تعتبره “سياسات عدوانية” من واشنطن، في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات الحرب الباردة لكن في سياق جيوسياسي جديد يتقاطع فيه النفط والأمن الإقليمي والسيادة الوطنية.
وجه أفريقيا رئيس التحرير: سحر رجب