سحر رجب
تشهد منطقة شرق آسيا تصاعداً لافتاً في التوترات الدبلوماسية، بعدما تداخلت ملفات تايوان والأمن الإقليمي والخلافات الاقتصادية في مشهد معقد يعيد رسم توازنات القوى الدولية.
ففي الوقت الذي تواصل فيه روسيا مهاجمة التصريحات اليابانية بشأن تايوان، تتجه العلاقات الصينية–اليابانية إلى منعطف أكثر حدة، مدفوعاً بإجراءات اقتصادية صارمة وحرب تصريحات متبادلة، فيما تواجه بكين ضغوطاً داخلية رغم استمرارها في تعزيز قوتها التكنولوجية.
روسيا تهاجم طوكيو: تايوان في قلب الخلاف
جدّدت موسكو هجومها على اليابان عقب تصريحات رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، حيث اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنّ اليابان ما تزال «ترفض الاعتراف بنتائج الحرب العالمية الثانية» رغم مرور 80 عاماً.
وشددت زاخاروفا على أن روسيا ترى تايوان جزءاً لا يتجزأ من الصين، وترفض استقلالها بأي شكل، معتبرة أن بعض الدول—في إشارة غير مباشرة لليابان—تعلن التزامها بمبدأ الصين الواحدة بينما تواصل في الوقت نفسه «تصعيد التوتر في مضيق تايوان» عبر الدعم السياسي والعسكري للجزيرة.
وأكدت المتحدثة أن موسكو، بصفتها «شريكاً موثوقاً لبكين»، ستواصل دعم الصين في كل ما يتعلق بالسيادة وسلامة الأراضي، بما في ذلك قضية تايوان. كما دعت القيادة اليابانية إلى «التعلم من التاريخ» والتوقف عن إطلاق تصريحات وصفتها بـ«الخطيرة وغير المسؤولة».
تصعيد صيني–ياباني: حظر غذائي واتهامات بـ”إحياء الشياطين”
وفي خضم التوتر الروسي–الياباني، اشتعلت جبهة أخرى بين بكين وطوكيو بعدما فرضت الصين حظراً شاملاً على استيراد المأكولات البحرية اليابانية، وهو ما رأت فيه طوكيو إجراءً «غير مبرر»، بينما اعتبرته بكين خطوة «ضرورية لحماية المستهلكين».
لم تتوقف الأزمة عند البعد التجاري، بل تصاعدت مع اتهام الصين لمسؤولين يابانيين بـ «إحياء الشياطين العسكرية»— في إشارة إلى سياسات ترى الصين أنها تهدد أمن المنطقة. وجاء ذلك بالتوازي مع رفض بكين لأي مواقف يابانية داعمة لتايوان، مؤكدة تمسكها الصارم بمبدأ «الصين الواحدة» وتحذيرها من التدخل في شؤونها الداخلية.
هذا التراجع في العلاقات يضع البلدين أمام فصل جديد من المواجهة السياسية والاقتصادية، وسط مخاوف من تأثير ذلك على استقرار الإقليم.
اقتصاد الصين تحت الضغط
إلى جانب هذه التوترات، يواجه الاقتصاد الصيني تحديات متزايدة، من أبرزها تراجع مبيعات تسلا داخل السوق الصينية إلى أدنى مستوياتها منذ ثلاث سنوات، في ظل منافسة قوية من الشركات المحلية وتخوف المستثمرين من تداعيات العقوبات الأمريكية على واردات النفط الصينية.
هذه المؤشرات زادت من قلق الأسواق، خصوصاً مع الضغوط التي تتعرض لها قطاعات الطاقة والصناعة والتصدير.
تفوق تكنولوجي رغم الأزمات
ورغم ذلك، تواصل الصين تعزيز حضورها التكنولوجي العالمي، معلنة عن اختراقات جديدة في مجال الروبوتات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، إلى جانب إطلاق سلسلة أقمار صناعية متطورة تدعم قدراتها في الاتصالات والمراقبة والاستشعار عن بعد.
هذه الخطوات تهدف إلى ترسيخ موقع الصين كمركز عالمي للابتكار، في وقت تحاول فيه بكين الموازنة بين التحديات الاقتصادية وطموحاتها العلمية.
وخلاصة القول يجتمع في شرق آسيا اليوم مزيج من التوتر الروسي–الياباني حول تايوان، وتصعيد صيني–ياباني اقتصادي وسياسي، وضغوط اقتصادية تواجه الصين، يقابله دفع قوي نحو التقدم التكنولوجي.
وبين نزاعات التاريخ وصراعات السيادة ومنافسة التكنولوجيا، تقف المنطقة على أعتاب مرحلة قد تعيد تشكيل خرائط التحالفات والتأثيرات في آسيا والعالم.
وجه أفريقيا رئيس التحرير: سحر رجب