ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمة رئيسية خلال الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي في فلاديفوستوك، حيث سلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأقصى كمحرك للتنمية الاقتصادية والفرص الاستثمارية في روسيا.
وتناول بوتين في خطابه التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، مؤكدًا على الدور المتنامي للشرق الأقصى في تعزيز مكانة روسيا الاقتصادية والجيوسياسية.
الأولوية الاستراتيجية للشرق الأقصى
أكد بوتين أن تنمية الشرق الأقصى وسيبيريا تشكل “أولوية وطنية” لروسيا في القرن الحادي والعشرين، مشيرًا إلى أن المنطقة ليست مجرد مركز اقتصادي بل أرض الفرص الواعدة.
وقال: “منطقة الشرق الأقصى ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا، ودورها في الاقتصاد الروسي يجب أن ينمو بشكل مطرد.”
وأشار إلى الإنجازات التي تحققت على مدى سنوات، حيث شهدت المنطقة نموًا اقتصاديًا ملحوظًا، بما في ذلك زيادة استخراج الذهب بنسبة 1.7 مرة، مما جذب استثمارات كبيرة إلى القطاع.
تطوير البنية التحتية واللوجستيات
ركز بوتين على أهمية تطوير البنية التحتية في الشرق الأقصى، مشيرًا إلى مضاعفة سعة الموانئ في المنطقة خلال العقد الماضي. كما أعلن عن خطط لتعزيز الطاقة التشغيلية لسكك الحديد “بام” و”الترانس سيبيري” بنسبة 1.5 مرة بحلول عام 2032.
وأضاف أن تطوير الممر العابر من سان بطرسبورغ إلى أرخانغيلسك وفلاديفوستوك يعد محوريًا لتعزيز الربط اللوجستي.
وفي سياق التعاون الدولي، كشف بوتين عن خطط لافتتاح خطوط جوية بين روسيا وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى جسر يربط البلدين سيتم افتتاحه العام المقبل، مما يعزز العلاقات الثنائية.
كما أشار إلى الاهتمام المتزايد بالممر العابر للقطب الشمالي من قبل الشركات الروسية والأجنبية، مؤكدًا على ضرورة بناء سفن حديثة تشمل قاطرات وناقلات بضائع وكاسحات جليد فائقة القوة.
التحول الرقمي والاقتصاد عالي الأجور
شدد الرئيس الروسي على ضرورة تحويل الشرق الأقصى إلى مركز للتنمية الرقمية، مستخدمًا التقنيات الحديثة لتطوير المساحات الاقتصادية والاجتماعية.
وقال: “يجب أن يصبح الشرق الأقصى منطقة رائدة في التنمية الرقمية، وأن يتحول اقتصاد روسيا إلى اقتصاد قائم على الأجور المرتفعة.” وأشار إلى استثمار 20 تريليون روبل (حوالي 250 مليار دولار) في رأس المال الثابت لشركات المنطقة، مما يعكس الالتزام بتعزيز الاقتصاد المحلي.
مكافحة التضخم وتقليل الفقر
تطرق بوتين إلى الجهود الاقتصادية على المستوى الوطني، مشيرًا إلى عمل البنك المركزي الروسي لخفض التضخم إلى المستوى المستهدف عند 4%.
كما أشار إلى “ديناميكيات إيجابية” في تقليل مستويات الفقر في جميع أنحاء روسيا، بما في ذلك الشرق الأقصى، مع تدفق مستمر للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عامًا إلى المنطقة على مدى تسع سنوات.
التعاون الدولي والعلاقات مع آسيا
أكد بوتين على أهمية توسيع التعاون مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ والجنوب العالمي، مشيرًا إلى أن هذا التعاون لا يرتبط بالوضع السياسي الراهن بل بمصالح وطنية طويلة الأمد. وأشار إلى الشراكة الاستراتيجية مع الصين التي بدأت قبل 20 عامًا، والتي أثبتت نجاحها في خدمة المصالح المشتركة.
من جانبه، أشاد رئيس وزراء لاوس، سونساي سيبهاندون، بدور منتدى الشرق الاقتصادي في تحسين جودة حياة الناس في روسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وأعرب عن رغبة لاوس في تعزيز التعاون مع مجموعة البريكس وغيرها من الآليات الدولية لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك تطوير الخدمات اللوجستية مع الدول الصديقة.
تحديات الاقتصاد العالمي
تناول بوتين التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي نتيجة الإجراءات الحمائية لبعض الدول والتغيرات غير المتوقعة في الساحة العالمية.
وأكد أن روسيا ملتزمة بمواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز التعاون الدولي وتطوير بنيتها التحتية، مع التركيز على الشرق الأقصى كمركز للنمو والابتكار.
اختتم بوتين كلمته بدعوة المستثمرين والشركاء الدوليين للاستفادة من الفرص المتاحة في الشرق الأقصى، مؤكدًا أن المنطقة ستلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل روسيا الاقتصادي.
ويبقى منتدى الشرق الاقتصادي منصة حيوية لتعزيز الحوار والتعاون بين روسيا ودول المنطقة، مع تركيز واضح على التنمية المستدامة والابتكار.