حذرت مسؤولة أممية من أن إقليم دارفور في السودان يواجه خطراً متزايداً للإبادة الجماعية وسط تركيز اهتمام العالم على الصراعات في أوكرانيا وغزة.
وقالت أليس ويريمو نديريتو، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون منع الإبادة الجماعية، لبرنامج “نيوزداي” الذي تبثه بي بي سي: “لدينا ظروف تتوافر هنا يمكن في ضوئها تحدث أو قد تكون حدثت فيها إبادة جماعية”.
وأضافت أن العديد من المدنيين استُهدفوا على أساس العرق في مدينة الفاشر السودانية المحاصرة، حيث اشتد القتال العنيف في الأيام الأخيرة.
أكدت مؤسسة خيرية طبية في المدينة وفاة أكثر من 700 شخصاً في عشرة أيام.
وتعتبر مدينة الفاشر المركز الحضري الرئيسي الأخير في إقليم دارفور الذي لا يزال يخضع لسيطرة الجيش السوداني.
ويقاتل الجيش قوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ أكثر من عام في حرب أهلية أسفرت عن مقتل الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح من منازلهم.
وقالت نديريتو إن الوضع يتحول إلى إبادة جماعية “على غرار ما حدث في رواندا” عام 1994، مستشهدة بتحليل للأمم المتحدة حول عوامل الخطر المتزايدة.
وأضافت أن “تزايد الأعمال العدائية في الفاشر فتح الآن فصلاً مثيراً للقلق من هذا الصراع”.
وتابعت: “أطالب بالاهتمام في الصراع على وجه التحديد. وأحاول إيصال صوتي هذا، لكنه تبدد وسط حروب أخرى- في أوكرانيا وغزة”.
وأعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن مخاوف مماثلة حيال إمكانية أن تشهد دارفور ممارسات إبادة جماعية.
وقال تقرير صادر عن المنظمة إن ممارسات تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت ضد جماعة المساليت العرقية والمجتمعات غير العربية في المنطقة على يد القوات شبه العسكرية وحلفائها العرب.
ودعت هيومن رايتس ووتش إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن تلك الفظائع، بما في ذلك قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف على نطاق واسع باسم حميدتي.
اتفاق حمدوك
وقع رئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية عبد الله حمدوك مع فصيلين مسلحين اتفاقاً الأحد الماضي يطالب بوقف الحرب ويقضي بتقرير المصير وعلمانية الدولة.
ووقع حمدوك الاتفاق مع رئيس حركة تحرير السودان في دارفور عبد الواحد محمد نور، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبد العزيز الحلو تواليا في نيروبي وبحضور الرئيس الكيني وليام روتو.
وينص الاتفاق الذي أطلق عليه إعلان نيروبي الدعوة إلى وقف الحرب وتأسيس الدولة المدنية ومنح حق تقرير المصير لشعوب السودان في حال عدم تضمين مبادئ الاتفاق في الدستور الدائم في البلاد.
ردود أفعال دولية
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون نهاية الأسبوع الماضي إن العنف في منطقة دارفور في السودان “قد يعد جريمة ضد الإنسانية”.
وأضاف في بيان نشر على موقع الحكومة على الإنترنت: “أشعر بقلق عميق إزاء التقارير الموثوقة للغاية التي تفيد بأن بعض أعمال العنف في دارفور لها دوافع عرقية”.
وتابع: “نمط العنف المتواصل في دارفور، بما في ذلك الهجمات المنهجية الواضحة ضد المدنيين، قد يصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية”.
وأعرب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو الأحد الماضي عن أمله في أن تثمر مساعيه خلال جولته الإقليمية الحالية في استئناف مفاوضات التي تستهدف إنهاء الصراع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” بغرض الوصول إلى وقف إطلاق النار وإسراع الخطى من أجل وضع حد للحرب والأزمة الإنسانية والأعمال الوحشية التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الصراع.
أكد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الخميس الماضي أن التقارير الواردة من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان مروعة من حيث الهجمات على المدنيين والاستهداف العرقي.
وكتب عبر منصة “إكس”: “التقارير الواردة من الفاشر في السودان مروعة، هجمات دموية على المدنيين وروايات مروعة عن الاستهداف العرقي، الناس يخافون من نقاط التفتيش لدرجة تمنعهم من محاولة الفرار”.
واعرب عدد من سكان المنطقة عن مناخ الخوف السائد هناك وسط استمرار الصراع بلا هوادة دون أن تظهر في الأفق أي بارقة أمل في نهايته.
وأعلنت قوات “الدعم السريع” في السودان قبل أيام استعدادها لفتح “مسارات آمنة” لخروج السكان من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي تشهد منذ أسابيع اشتباكات أثارت قلق المجتمع الدولي.
وأكدت “الدعم السريع” التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في بيان نشرته عبر حسابها على منصة “إكس”، “استعداد وجاهزية قواتنا لمساعدة المواطنين بفتح مسارات آمنة لخروج المدنيين إلى مناطق أخرى أكثر أمناً يختارونها طوعاً وتوفير الحماية لهم”. ودعت سكان الفاشر إلى “الابتعاد عن مناطق الاشتباكات والمناطق المرشحة للاستهداف بواسطة الطيران، وعدم الاستجابة للدعوات الخبيثة لاستنفار الأهالي والزج بهم في أتون الحرب”.
قضى 85 شخصاً على الأقل في مستشفى في مدينة الفاشر في دارفور منذ تجدد القتال بين الطرفين المتحاربين في السودان في العاشر من مايو، وفق ما أفادت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الثلاثاء.
فقد انقطعت خدمة الإنترنت، مما جعل الاتصال بالمدينة على قدر كبير من الصعوبة وسط حصار يضربه جنود قوات الدعم السريع على المنطقة.
وأعربت الأمم المتحدة عن بالغ قلقها حيال ما يتردد عن أن حوالي 15,000 شخصاً قد يكونوا لقوا مصرعهم في مدينة الجنينة غرب إقليم دارفور.
وفي يونيو الماضي، قُتل والي غرب دارفور خميس أبكر بعد ساعات من اتهام قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وهو أكبر مسؤول يُقتل منذ بداية الصراع في أبريل الماضي.
وقالت قوات الدعم السريع إنها غير متورطة فيما تصفه بـ”الصراع القبلي” في دارفور.
وتأتي موجة العنف الحالية لتكرس لتاريخ طويل من التوترات نشبت بين المجتمعات الزراعية غير العربية في المنطقة بسبب خلافات على الموارد، بما في ذلك المساليت من جهة والمجتمعات الرعوية العربية من الجهة الأخرى.
وولدت المجموعة شبه العسكرية – قوات الدعم السريع– من رحم ميليشيا الجنجويد التي اتهمت بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد المجتمعات غير العربية في دارفور في عام 2003، بعد أن حمل المتمردون السلاح، واتهموا الحكومة بتجاهل المنطقة.