تواصل القتال بين قوات الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم وضواحيها وكثف الطيران الحربي من هجماته على مناطق سيطرة قوات الدعم السريع فيما ترد الأخيرة باستخدام المضادات الإرضية، وأعلن الجيش أن تسعة أشخاص بينهم أربعة جنود قتلوا عندما تحطمت طائرة مدنية من طراز انتونوف لأسباب فنية في مطار بورتسودان الواقعة على الساحل الشرقي بمنأى عن الحرب إلى حد كبير.
واندلعت خلال الأيام الماضية اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعدة أحياء سكنية جنوبي العاصمة الخرطوم، وأفاد شهود عيان، بأن اشتباكات تدور في حيي “العشرة” و”النزهة” الواقعين غربي “سلاح المدرعات” التابع للجيش السوداني، وذكر الشهود أن الاشتباكات هي الأعنف في المنطقة وتدور بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين الطرفين، وأشار آخرون إلى أن أحياء “جبرة” و”الصحافة” القريبة من “سلاح المدرعات” تدوي فيها أصوات المدافع والأسلحة الثقيلة.
وفي شوارع الخرطوم ، يبدو أن لقوات الدعم السريع شبه العسكرية اليد العليا حيث احتلت قواتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية منازل المواطنين وممتلكات مدنية أخرى ، بحسب سكان ونشطاء ، وحولتها إلى قواعد عمليات. ولايزال الآلاف من الذين بقوا في العاصمة ، وخاصة في الخرطوم بحري ، محاصرون بدون ماء منذ تضرر محطة المياه المحلية في بداية الحرب، ويقول السكان إنه لا يوجد سوى كهرباء متقطعة ونفد الطعام تقريبًا. وقال أحد سكان الخرطوم بحري وهو عصام عباس مع القتال لم يعد هناك سوق ولا نقود على أي حال. ولمساعدتهم ، أصدرت “لجنة المقاومة” المحلية ، وهي مجموعة أحياء مؤيدة للديمقراطية ، نداءً طارئًا وكتبت اللجنة على فيسبوك “علينا أن ندعم بعضنا البعض ونقدم الطعام والمال ونوزع على من حولنا”.
وفي أم درمان المجاورة ، المدينة الشقيقة الأخرى للخرطوم التي دمرتها الحرب ، توفي عازف الكمان المعروف محليًا خالد السنهوري من الجوع الأسبوع الماضي ، حسبما كتب أصدقاؤه على فيسبوك، وفي منشوراته الخاصة على الإنترنت ، قال الصنوري إنه غير قادر على مغادرة المنزل بسبب القتال وحاول التمسك بالإمدادات التي كانت بحوزته ويبدو أنها لم تكن كافية.
كما وردت تقارير عن دمار ونهب واسع النطاق في الخرطوم ومدينة أم درمان القريبة، وكثيرا ما تم استهداف المنشآت الإنسانية، وقالت وكالة الأمم المتحدة إن موقعين على الأقل تابعين لبرنامج الغذاء العالمي تعرضا للنهب أحدهما في الخرطوم والآخر في مدينة الأبيض بوسط البلاد، كما تمت مهاجمة 18 من أطباء بلاحدود يعملون في المستشفى التركي بالخرطوم، وقالت المنظمة على موقعها على الإنترنت “بعد الجدل حول أسباب وجود أطباء بلا حدود ، اعتدى المسلحون بقوة على فريقنا ، وضربوهم جسديًا وجلدهم”. وأضافت منظمة أطباء بلا حدود أن أحد السائقين احتجز لفترة وجيزة. ولم تذكر الجماعة ما إذا كان المهاجمون يرتدون الزي العسكري أو تقدم تفاصيل أخرى.
وأعلنت لجان مقاومة وغرفة طوارئ الكلاكلة القبة بالخرطوم إن الحي أصبح منطقة غير صالحة للعيش بسبب عدم توفر الغذاء والدواء والانتهاكات المتكررة من قوات الدعم السريع. وقالت في بيان إن عدد السكان في تناقص يومي بسبب النزوح إلى مناطق أخرى مما يمثل خطرا على المتبقين، و يعطي الفرصة للدعم السريع للنهب والقتل. وناشدت منظمات المجتمع المدني والسودانيين كافة للتبرع من أجل للمساعدة في إجلاء سكان الحي إلى أماكن آمنة في ولايات السودان المختلفة محافظة على أرواحهم.
ويأتي ذلك في الوقت الذي حذرت فيه نقابة أطباء السودان من تكدس الجثث في المشارع وانقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة ماينذر بكارثة صحية، وأشارت إلى وجود الالاف الجثث في الشوارع التي تحللت في الهواء الطلق مما قد يسبب أمراض أو وباء خطير، وأوضحت أنه يوجد اكثر من 3000 جثة في الخرطوم تحللت بشكل جزئي في شوارع الخرطوم ولم تدفن ولم تدخل المشارح أيضا.
وعلى الصعيد السياسي اتهم نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم بشعة بحجم لا يمكن تصورها ضد المدنيين، مشيراً إلى استهدافها بعض الجماعات العرقية بإقليم دارفور في أبشع الجرائم ضد الإنسانية، التي وجدت إدانات من قبل كثير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، وقال أن الحكومة رحبت بكل المبادرات التي رمت لوقف الحرب، شريطة أن تراعي سيادة الدولة ومؤسساتها القائمة ووحدتها وتماسكها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وأضافالتزمت حكومة السودان والقوات المسلحة ببنود مباحثات جدة المنبثقة عن المبادرة الاميركية السعودية لوقف إطلاق النار والسماح بمرور المساعدات الانسانية، الا ان قوات التمرد خرقت جميع الهدن التي تم الاتفاق عليها واستغلتها لتعضيد موقفها واعادة انتشارها.
فيما أكدت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، استعداد وفد الجيش للعودة إلى مفاوضات «جدة» متى ما تمكن الوسيطان السعودي والأميركي من تذليل العقبات التي حالت دون مواصلة المباحثات. وكان وفد الجيش قد انسحب من المفاوضات متهما قوات الدعم السريع بعرقلة التوصل لاتفاق وقف العدائيات بسبب رفضها إخلاء المنازل والمرافق الخدمية، لكن قوات الدعم السريع عزت تعثر الاتفاق لاشتراط وفد الجيش فتح ممر آمن لخروج قياداته المحاصرة في مقار عسكرية بالخرطوم، مشددة على أنها لن تسمح بذلك إلا بعد توقيع الاتفاق النهائي، ومن جانبه رهن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، إنهاء الحرب في وقت عاجل بتنحي قيادة الجيش الحالية.
وفي سياق البحث عن حل سياسي للأزمة السودانية، عقدت اجتماعات الحرية والتغيير بشقيها بالقاهرة بهدف توحيد المواقف والجهود لإنهاء الحرب في السودان وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد. وتعتبر هذه الاجتماعات فرصة كبيرة للنجاح في تحقيق هذا الهدف، حيث إنها تضم مختلف الأطراف المعنية بالأزمة في السودان، بما في ذلك الحكومة والمعارضة والجماعات المسلحة. وانتهت اجتماعات الحرية والتغيير المجلس المركزي والحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية واصدرت الأولي بيانها الختامي لخصت فيه رؤية لانهاء الحرب ورؤية الاستراتجية للحل في السودان في وقت عقدت فيه الكتلة الديمقراطية التي تضم أربعة كتل سياسية مؤتمر صحفي لها بالقاهرة دعت من خلاله البرهان لتشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة بالسرعة اللازمة.