أخبار عاجلة

احتفالية شاعر أفريقيا والعروبة محمد الفيتوري

سحر رجب

نظم منتدي أفريقيا بالتعاون مع اتحاد تجمع الفنانيين السودانيين احتفالية فنية ونقاشية للاحتفاء بذكرى وشخصية من الشخصيات العظيمة التي قدمت ثقافة خاصة للسودان ولعموم أفريقيا، وقدم فقرات الاحتفالية الإذاعي السوداني طارق كابلو الذي قال أن الشاعر محمد مفتاح الفيتوري كثيرون قد اطلعوا على أعماله، وربما سمعوها أغانيه، وربما احتفظوا بالكثير من المخطوطات والدواوين التي ضمت كلماته وأشعاره، هذه الليلة بعنوان “الدوريش  المتجول.. قراءة في تجربة الشاعر محمد مفتاح الفيتوري ”

كلمة الإتحاد

ثم تلى ذلك كلمة اتحاد تجمع الفنانيين السودانيين التي قدمها زهير عبد الكريم الأمين العام للاتحاد وقال ” نحن في حضرة قامة من قامات بلادي حيث أن الشاعر محمد مفتاح الفيتوري يعد رمزا لكثير من المعاني الانسانية والحياتية، نحن سعداء تجمع الفنانيين السودانين التابع لاتحاد الفنانين العرب مع منتدى أفريقيا بأن نرثو ونحتفي في ذات الوقت بهذه القامة العظيمة بتواجد متنوع مصري سوداني لما تركه الفيتوري للوطن العربي والأفريقي من كثير من المعاني الجيدة بقيمة الحياة وشأن الفنان ورسالته السامية.

وأشار عبد الكريم إلي سعادته بأن يكون بين الحضور عدد كبير من القامات المصرية والسودانية وهم يحاورن ويتحاورون في هذا الفنان العظيم الشاعر والمفكر والأديب الجليل، هذا الاسم العظيم حاول دائما أن يتجاوز جغرافية المكان والزمان وأن يعيش وحتى وإن رحل جسدا بل سيظل حيا بإبداعته ومساهماته الفكرية.

كما عبر عبد الكريم أيضا عن سعادته بأن الاتحاد يدخل في أول شراكة أو مبادرة مع منتدى أفريقيا وأبدى الاستعداد للمزيد من الشراكة مع المؤسسات المصرية الفنية والثقافية ذات الصلة كل ما هو من شأنه أن يعطي للفنون الابداعية والانسانية جماله.

كلمة منتدى أفريقيا

وفي افتتاح الاحتفالية رحب الصحفي المصري خالد محمود ممثلا لمنتدى أفريقيا بالحاضرين، وقال سعداء جدا بعمل هذه الأمسية بالشراكة مع اتحاد تجمع الفنانيين السودانيين مع المنتدي، فالمنتدى قائم على ايجاد أو رعاية حالة ثقافية وفكرية مشتركة وايجابية وتضامنية مع مثقفي الشعوب الأفريقية.

وقال محمود نحن نحاول أن نفعل بالثقافة ما فشلت أن تفعله السياسية، ونحاول أن نقدم قراءات مشتركة في الأدب والتاريخ والفن بين مثقفينا في مصر وفي افريقيا، وخاصة بيننا وبين الأشقاء السودانيين.

وذكر محمود أن منتدى افريقيا سبق وإن أقام عدد من الفعاليات فقد أقمنا ليلة عن السينما السودانية  وليلة عن شهادات المرأة السودانية في الحرب، كما أقمنا ليلة أيضا على التعتيم الصحفي لمأساة الحرب في السودان.

وقال محمد ونخطط لإقامة ليلة شعرية كبري عن شعراء العامية في مصر والسودان من خلال الشاعرين الكبيرين المصري عبد الرحمن الأبنودي والسوداني محجوب شريف، ونطمح بأن يستمر التعاون بيننا وهذا مبتغانا.

وأضاف أن منتدى أفريقيا يتشرف بالاحتفاء بالفيتوري ابن الجينية الدارفوري الليبي المصري  الاسكندراني المغربي  ليس فقط بأنه شاعر أفريقي ولكن لأنه الشاعر صاحب الهوية المنفتحة علي الشعوب فهو الشاعر الافريقي البيروتي الشاعر الدمشقي، ورغم افريقيته إلا انه شاعر العرب والثقافة العربية وهو شاعر أفريقيا والثقافة الأفريقية ويتميز بأنه لديه سمة انفتاح نادرا ما نلقاها عند غيره فهو رمزا لأفريقيا والوطن العربي معا.

وأضاف خالد محمود أن الفيتوري هو شاعر الثورة والحرية في كل مكان فكان ضد الرق ، كتب عن التحرر وناهض الاستعمار، ونعتبره شاعر القضية الفلسطينية، وكانت جميع أشعاره تحمل روح الثورة.

وأوضح خالد أن الفيتوري أول من تحدث عن الزنجية بقوله: زنجي أنا وأمي زنجية، لأول مرة، وهذه العبارة تكتسب من التحدي والرقي  ومنازلة العالم وقصد بذلك أن يعبر عن كل أفريقيا في شعره.

فيلم تسجيلي

تم خلال الاحتفالية عرض فيلم تسجيلي قصير شمل مادة توثيقية تتناول حياة الفيتوري منذ ميلاده في مدنية الجنينة عام 1936م وحتي وفاته في 2015م بالمغرب، تخللتها قراءت بصوته ومقتطفات عن حياته، المادة التوثيقية من اخراج عبادي محجوب وإعداد عبد المنعم الكتيابي وعلقت عليها المذيعة ميادة هباش ومونتاج محمد عليش.

جلسة نقاشية

وخلال الفقرة الثانية من الاحتفالية أدار الشاعر الصحفي علي سعيد ندوة جلسة نقاش حول شعر الفيتوري، حيث قال نجتمع اليوم في هذا اللقاء المميز تحت سقف الإبداع وفي ضيافة اتحاد الفنانين السودانيين، لنستحضر معا عوالم شاعر فد مزج بين الإنسانية والقومية، وبين معاناة الفرد وأحلام الجماعة، أنه الشاعر الكبير محمد فيتوري “صوت أفريقيا الصارخ، ورائد الشعر الحر الذي نسج بالكلمات ملاحم تتجاوز حدود الزمان والمكان.

 

وأشار سعيد إلي أن الفيتوري ولد ونشأ بين ثقافتين، عربية وأفريقيا، ليصبح صوته الشعري تجسيدا لهذه الثنائية، حيث تغنى بالآلام القارة السمراء، وصاغ رؤى ثورية تنشد الحرية والتحرر من أغلال الاستعمار والاضطهاد، يقول في إحدى قصائده:

أنا زنجي

قلها لا تجين

قلها في وجه البشرية

أنا أسود .. أنا أسود

لكني حر

أمتلك الحرية

وكما ألقى سعيد أبيات من قصيدته ” وصية الشاعر القديم ” التي حملت في طياتها معاني التمرد والحكمة الممتزجة بالسخرية من السلطة والتاريخ الإنساني المتكرر في ظلم الطغاة

وأوضح سعيد أن الفيتوري لم يكن شاعرا للثورة فحسب، بل كان شاعرا للإنسانية يبحث عن العدالة ويغني للحب وللحياة وللكرامة، حيث رأس في الشعر رسالة تنويرية تتجاوز الشكل الفني إلي الفعل المقاوم والوعي الجمعي.

وقال سعيد بعد مرور عقود علي إرثه الشعري تبرز اليوم تساؤلات مهمة:

كيف نقرأ شعر الفيتوري في سياق قضايا العدالة الاجتماعية والهوية في عالمنا المعاصر؟

هل ما تزال كلماته تحمل الزخم الثوري ذاته، أم أن العالم تغير بما يجعلنا نعيد تأويل إرثه؟

وكيف يمكننا استخدام أدبه لتقريب الثقافات وتجاوز الحدود؟.

وختم سعيد إدارته للندوة بقوله دعونا نتأمل هذه الإسئلة سويا ونفتح النقاش والتفكير في عظمة هذا الشاعر الذي لم يكن يوما مجرد شاعرا  بل كان ضميرا متحركا يعبر عن احلام أمة وأحلام قارة كاملة بل الإنسانية جمعاء.

وأبتدأ النقاش الناقد الدكتور صلاح السروي، والذي أوضح أن شعر الفيتوري أتسم بالثورية رغم أنه عاش في العالم العربي لكنه كان يحمل هم أفريقيا وكان مختلفاً عن جيله، وصادف ميلاد أول ديوان له الثورة المصرية عام 1954م، والديوان صدر في 55، وهو من رواد مدرسة التجديد في الشعر الحر حيث انتقل من الشعر التقليدي الذي يلتزم بالتفعيلة والقافية إلى الشعر الحر، كما أنه انتقل به من مرحلة الرومانسية إلى الثورية فجميع قصائده كانت قضايا ذات مدلول، وكان التركيز على مضمون القصيدة وليس جمال الجرس الموسيقي للقافية الشعرية كما كان يفعل الشعراء قبل ذلك لذا كانت القصيدة مضمون ثوري وقضية ذات أبعاد مختلفة.

ويمضي السروي بالقول أن شعر الفيتوري حمل مضامين الغربة بين كلماته رغم أنه نشأة في القاهرة ودرس في كلية دار العلوم، والتجانس الذي وجده الا انه كان يحمل غربة عن الوطن داخله، تحسها من خلال اشعاره، وازادت تلك الغربة بعد أن أقدم الرئيس جعفر نميري بسحب الجنسية السودانية منه، كانت هناك لمسة حزن وغصة تحسها بين كلمات قصائده.

وقال أن الفيتوري عاش ثائراً ومات ثائراً وهو رمز من رموز الشعر العربي الافريقي واحد ركائز الثورات العربية.

أما الدكتور عادل حربي فقد تناول الجانب المسرحي في شعر الفيتوري حيث أشار الى ان مسرحية “سولارا” والتي ابدع فيها الشاعر حيث نقل المسرح من المسرح الشعري إلى الشعر المسرحي وهو بذلك أسس لضرب جديد في كتابة المسرح تبعه بعد ذلك الراحل هاشم صديق في مسرحية نبتا حبيبتي ، وتعتبر مسرحية سولار نموزج للمسرح الغنائي بأمتياز ، فهي مسرحية ذات مدلول أجتماعي وسياسي دافعت عن المستضعفين في ذلك الوقت، أستفاد الفيتوري من البناء الدرامي في شرح القضية، باستخدام أسلوب مسرحي بديع، وهو أحد رواد المسرح الشعري.

خلال الندوة قدمت نمازج شعرية لقصائد الفتيوري قدمها الأستاذة رحاب إبراهيم، والأستاذ وليد الخولي، والاستاذ عبد المنعم الكتيابي، والاستاذ طارق كبلو.

تكريم مستحق

وفي نهاية الاحتفالية قام منظمي الاحتفالية الندوة بتقديم درع تكريمي لأبنة الشاعر الكبير سولارا محمد مفتاح الفيتوري، وبدورها شكرت أبنة الشاعر الحضور على إقامة مثل هذه الندوات لإحياء ذكرى والدها وتمنت أن تشمل الندوات جميع المبدعين السودانيين، بعدها تغني الفنان هاشم كمال فقرة غنائية من أشعار الفتيتوري أفاضت روح من البهجة والشجن بين الحاضرين الذين طالبوه بإداء أكثر من أغنية.

 

عن وجه افريقيا