من الواضح أن بلادنا ليبيا تعيش على صفيح ساخن ملتهب لن يهدأ في الوقت المنظور القريب، فالأوضاع لا ينبعث منها مؤشرات للإطمئنان، بسبب إذكاء نيران الفتنة الجهوية و التمترس في السلطة التى صاحبة فبراير و تداعياتها التى لا تزال تهدد وحدة الوطن و أمنه و استقراره.
إن هذا المأزق يتعمق يوماً بعد يوم على ضوء ازدياد تعقيد الأزمة السياسية (تنازع المشروعيات) و تنامي التدخلات الأجنبية المختلفة الأمر الذي قد يدفع عجلة الأحداث إلى التسارع المفاجئ و الذي قد يصعب على المرء تخيل ما سيشكله من خطر
سياسي و اقتصادي ليس على ليبيا فحسب بل على دول الطوق العربي و الأفريقي معاً.
إن الحالة الليبية الراهنة مفتوحة على كل الاحتمالات و لا يمكن لهذا الهدوء المصطنع أن يدوم طويلاً لأنهُ يفتقد لتدابير الديمومة التى كان من المفترض أن تصاحب اَي عملية لوقف اطلاق النار بين قوتين متحاربتين ليس هذا صدد الخوض فيها..
إن الأزمة الليبية بكل مكوناتها لا تزال كامنة تحت الرماد و يمكن أن يشتعل لهيبها في أية لحظة (قنبلة) المناطق الغنية بالنفط قد يسمع الجميع دويها في أي وقت و السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان لماذا تم تقديم مذكرة لرئاسة البرلمان التركي لتمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهراً إضافياً؟؟.
في الوقت ذاته المنطقة الجنوبية التى تعيش حالة الاختناق و التضييق مرشحة هي إيضا إلى أن تكون ساحة حرب لتصفية الحسابات بين الطرفين المتصارعين و قد تكون شرارتها من منطلق قبلي أحدهم يدعم حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات و الأخرى تدعم فصيل الكرامة الذي يحظى بغطاء عقيلة صالح و وفقاً لهذه المؤشرات يجب تحكيم العقل تجنباً لحدوث حرب لا تحمد عواقبها.
بإختصار شديد إن الحرارة يشتد ارتفاع درجاتها تحت الصفيح السياسي و الأوضاع آخذة في التدهور و الساحة مفتوحة على كل الاحتمالات و هي توشي بمخاطر كثيرة و لا عصمة فيها لأحد إلا
برص الصفوف و التعاضد و رفع منسوب الوعي لدى أبناء الشعب الليبي (الشباب)الذين تتلاعب بمصائرهم أجندات خارجية لا تصب في مصلحة الوطن و المواطن الليبي.
من الضروري فتح أبواب التواصل مع كل الليبين و ليس مع جزء دون غيرهِ و قطع الطريق على أصحاب الشعارات الصاخبة بالعمل الوطني الملتزم بالقيم و المبادئ الأخلاقية التى تتشكل منها قيم مجتمعنا.
يجب تمهيد الطريق أمام العملية الديمقراطية و المضي قدماً في كل استحقاقاتها بداية من سحب الأسلحة من الأطراف كافة وصولاً إلى الانتخابات فهي الحل الوحيد لأزمة تنازع (المشروعيات) في البلد فلتكن منطلقاتها من إعادة تأسيس السلطة على أسس عادلة تلقى القبول من كل أبناء الوطن الواحد جغرافياً و اجتماعياً بعيداً عن فحيح الجهويين و الانفصاليين و استعادة السيادة الوطنية و تحصين مناعة الشعب الذي يعاني من اختراق مخابراتي ممنهج طوال السنوات الفارطة.
لابد من انتهاج المسلك السلمي الديمقراطي من خلال الاحتكام للإرادة العامة لحل المعضلة الليبية دون وجل و يجب أن تتطابق هذه الثقة و المراهنة على وعي الشعب على الجميع بعد كل هذه السنوات المقفرة فهذا هو السبيل الأمثل للخلاص من الفوضى و واقع اللادولة و تغول المجاميع المسلحة الخارجة عن سلطة القانون.
بقلم أحمد الصويعي