مقالات مشابهة
سحر رجب
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن ما يشهده قطاع غزة والضفة الغربية من جرائم وانتهاكات يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي يمثل “وصمة عار على جبين الإنسانية”، محذرًا من خطورة استمرار التواطؤ الدولي والصمت أمام حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك خلال كلمته في الندوة القانونية التي نظمتها جامعة الدول العربية بعنوان: “دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة المسؤولين عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، والتي عُقدت في القاعة الأندلسية يومي 27 و28 يوليو 2025.
وقال أبو الغيط في مستهل كلمته:
“نحن نشهد بكل ألم وغضب، وقائع حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة، وجرائم الاحتلال التي تُعيد إنسانية هذا العصر إلى زمن الهمجية البشعة، دون إرادة حقيقية لوقفها بل في ظل تواطؤ دولي مفضوح.”
وأوضح الأمين العام أن الجرائم المرتكبة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 250 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومعتقل ومفقود، تُشكل نموذجًا صريحًا لما وصفه بـ”العدوان الإسرائيلي الممنهج والهادف إلى التدمير الشامل والتهجير القسري للشعب الفلسطيني”.
وأشار إلى أن أكثر من 80% من قطاع غزة قد تم تدميره، في وقت يستخدم فيه الاحتلال “سلاح التجويع” كأداة للقتل الجماعي، مؤكدًا أن مراكز المساعدة الإنسانية تحولت إلى “مصائد للجوعى وكمائن للموت ومعتقلات جماعية”.
وفيما يخص الوضع في الضفة الغربية، نبه أبو الغيط إلى أن المشهد هناك لا يقل كارثية، حيث تُمارس قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين المسلحة جرائم يومية من قتل واعتقال وتدمير للممتلكات، فضلًا عن عمليات التهجير القسري والتمييز العنصري، وفرض العزل والاغلاقات، في سياق سعي الاحتلال لفرض الوقائع الاستعمارية على الأرض.
المسار القانوني: أولوية عربية
وتطرق أبو الغيط إلى الجهود القانونية التي تبذلها الجامعة العربية لمواجهة الاحتلال، موضحًا أن الأمانة العامة أولت اهتمامًا بالغًا للمسار القانوني، وشاركت بمرافعات أمام محكمة العدل الدولية، منها المرافعة التاريخية في عام 2004 بشأن جدار الفصل العنصري، وكذلك المرافعات في 2024 و2025 حول التزامات إسرائيل بصفتها قوة احتلال.
وكشف عن تشكيل “وحدة قانونية” و”وحدة إعلامية” داخل الجامعة العربية، تنفيذًا لقرارات القمة العربية الإسلامية المشتركة في نوفمبر 2023، لتوثيق الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، مؤكدًا إصدار تقرير بعنوان “100 يوم من الحرب على غزة”، إلى جانب تقارير يومية تُوثق الجرائم المرتكبة وفق المعايير الدولية.
وأضاف: “هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة خطوات تهدف إلى إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، ودعم المساعي الدولية لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وخاصة أمام المحكمة الجنائية الدولية.”
تحديات وضغوط على العدالة الدولية
وفي تحذير صريح، أشار أبو الغيط إلى فشل المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن، في القيام بدورها لوقف العدوان، ما يُقوض مصداقية النظام الدولي بأكمله. وقال إن المحكمة الجنائية الدولية ولجان التحقيق الأممية تتعرض لضغوط سياسية وإعلامية شرسة من قبل حكومة الاحتلال وحلفائها.
ووجه الأمين العام تحية خاصة للسيدة فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، والتي وصفها بأنها تواجه حملة تشويه ممنهجة بسبب تقاريرها الصادقة.
كما رحب بانضمام البرازيل إلى الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة، داعيًا المؤسسات الحقوقية العربية إلى تعزيز تعاونها مع المنظمات الدولية وتكثيف الجهود القانونية والتوثيقية.
حل الدولتين: فرصة سياسية يجب استغلالها
وفي ختام كلمته، تطرق أبو الغيط إلى مؤتمر “حل الدولتين” المرتقب عقده في الأمم المتحدة، برئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية، معربًا عن تقديره لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، وداعيًا الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ هذه الخطوة دون تأخير.
واختتم قائلًا: “إن طريق العدالة لا بد أن يُستكمل قانونيًا وسياسيًا وشعبيًا… فالمعركة اليوم ليست فقط من أجل فلسطين، بل من أجل العدالة الإنسانية وكرامة القانون الدولي.”